الله سبحانه وتعالى ارحم بنا من أنفسنا واهلنا وأقرب الناس الينا.
برنامج رجال الله اليومي.
السيد حسين بدر الدين الحوثي
معرفة الله الثقة بالله الدرس الأول صـ3 ـ 4.
{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} نعبده ولا نعرف ماذا يعني أننا عبيد له! ماذا تعني عبوديتنا له! القرآن الكريم كرر هذا بشكل كبير جداً، تقرير عبوديتنا لله سبحانه وتعالى، وتقرير ملكه علينا، وألوهيته علينا بشكل كثير ورد في القرآن الكريم.
منها هذه الآية التي هي من أعظم الآيات في القرآن الكريم: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (البقرة:163) أليس هو هنا يتحدث عن كماله سبحانه وتعالى بالشكل الذي يجعلنا نلتجئ إليه باعتباره إلهنا، ونلتجئ إليه باعتباره رحمن رحيم، فهو إله ليس إله يتسلط، إله يتجبر، بل هو يرحم عباده، فكل ما شرعه لهم، كل ما هداهم إليه إنما هو من منطلق أنه مسئول عن أن يعمل هذا العمل بهم باعتباره إلههم؛ لأنه إلههم.
ولأنه رحيم فكل ما يأتي من عنده هو من منطلق الرحمة.. فعندما يتحدث, أو عندما يرشدنا، أو يأمرنا بأشياء قد نراها شاقة، قد تبدو أمامنا وكأنها شاقة فنعدل عنها فنبدو وكأننا إنما عدلنا عنها لأننا رحمنا أنفسنا، ومن منطلق رحمتنا بأنفسنا لا نريد أن يحصل عليها ما يشق عليها, ما يتعبها. هذا هو ما هو حاصل عند الناس, لا ينطلقون فيما وجههم الله إليه، وفيما أمرهم به فالأشياء التي يرونها وكأنها ثقيلة وشاقة؛ لأنهم رحماء بأنفسهم.. لماذا لا تثق بأن الله هو أرحم بك من نفسك، هو أرحم بك من نفسك، هو أرحم بك من أمك وأبيك، هو أرحم بك من أي قريب لك، هو من يعلم الأشياء التي فيها رحمة لك إذا ما سرت عليها، الأشياء التي إذا ما تحققت هي رحمة لك، هو وحده الذي يعلم.
{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ}، ليس هناك آلهة متعددة حتى يمكن أن تقول:[والله هذا الإله شاقة تعليماته يمكن أن نرجع إلى الإله الآخر] مثل ما هنا في الدنيا, الإنسان يقطع له بطاقة من المؤتمر، وبطاقة من الإصلاح، وبطاقة من البعث أو من أي حزب آخر؛ إذا رأى أن هذا الحزب ليس له مصالح فيه عاد إلى الحزب الآخر، إذا حصل من جانب هذا الحزب ما يتعبه أو يزعجه عدل عنه إلى حزب آخر، ما هكذا يحصل؟.
لكن لا.. ليس هناك إلا إله واحد، ليس هناك مفر أبداً منه، لا مفر منه إلا إليه، ليس هناك من يمكن أن ينجيك من عذابه وسخطه إذا ما سخط عليك, وحكم عليك بعقوبته، ليس هناك من يمكن أن يسلبك ما قد منحك إياه, أبداً ليس هناك أي طرف يمكن أن يكون قادراً على أن يرد الفضل الذي قد أراد الله سبحانه وتعالى أن يعطيك إياه، والخير الذي أراد أن يمنحك إياه {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ}(يونس: من الآية107).
ما الذي يحصل في هذه الدنيا في تعاملنا مع الله سبحانه وتعالى, عندما نسمع آياته تتلى علينا, وفيها تلك الآيات التي تأمرنا بالتوحد, بالأخوة، بالإنفاق في سبيله، بالجهاد في سبيله، بالعمل على إعلاء كلمته، بأن نكون أنصاراً لدينه؟ وهكذا.
كيف يعمل واحد.. يرجع يطأطئ رأسه، ويمشي مدري فين، يتجه كذاك, يريد يهرب مدري فين! إلى المجهول، يحاول يعرض! تحدبر برأسك وتحاول تعرض كذا ولا كذا، أين ستذهب؟.
أنت فقط تغالط نفسك، تحاول تتهرب وتحاول تتناسى هذا الشيء، وتحاول تنشغل بأشياء تدخل فيها لما تنسى، وهكذا تساهي نفسك، تساهي نفسك حتى يأتيك الموت، فتجد بأنك إنما كنت تغالط نفسك، وتخادع نفسك؛ لأن الله لا ينسى، لا يغفل، يراقبك سواء تهرب إلى هذا أو إلى هذا، أو حتى تسير تبحث عن أسئلة تدور لك لأسئلة إذا باتلقى لك مخرج من عند ذيه ولاّ من عند ذيه من أجل إذا… يوم القيامة.. ما بِشْ.. {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}(فصلت: من الآية53) هو الشاهد على كل شيء، شاهد على أعمالنا عليم بذات الصدور.
يوم القيامة سيتبرأ منك حتى أولئك الذين كنت تؤيدهم في الدنيا وتصفق لهم وهم يسيرون في طريق الباطل {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّأُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} (البقرة:166-167)؛ لأنه سيرد وهو مشغول بنفسه هو هالك، هو مذهول، يقول لك: رحلك، ماذا أعمل لك؟ ما أستطيع أعمل لك شيء.
أنت تتألم، تتألم, وتصبح حسرات تقطع قلبك، عذاب نفسي، هذا الذي كنت في الدنيا أصفق له، وكنت في الدنيا بَعْدَه، وكنت في الدنيا أركزه، وأقول انه.. وانه… إلى آخره.. ها هو يتبرأ مني الآن، [ليت ان عبا يُسبُر ارجع الدنيا ثاني مره أتبرأ منّه وألعنه من فوق كل منبر].
{بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا}(الزمر: من الآية59) ترى هكذا يأتي بعد كل آية تتحدث عن النسيان {أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا}(طـه: من الآية126) كنا في الدنيا نقول لك تتبرأ من المجرمين, تتبرأ من الظالمين, تمشي على هدي الله، لا ترتبط بغير هدي الله والهداة إلى دين الله.
أليست حسرات شديدة على الإنسان يوم القيامة، وهو هنا كان يعرض في الدنيا ويبحث عن من يتمسك به فيأتي يوم القيامة يتبرأ منه.
أليست هذه الآيات تعني أنه سيكون حسرة شديدة عندما يقولون: {لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّأُوا مِنَّا}(البقرة: من الآية167) عبّر الله عن أن هذه الكلمة انطلقت من نفوس تتقطع حسرات {لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّأُوا مِنَّا} غيض شديد, وتألم شديد من أولئك الذين كنا في الدنيا نصفق لهم، وكنا في الدنيا نؤيدهم، وكنا في الدنيا نمشي على توجيهاتهم، وهم كانوا هكذا، توجيهات ليست على وفق كتاب الله سبحانه وتعالى! حسرات عندما قال الله: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ}(البقرة: من الآية167).
{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ}(البقرة: من الآية163) إله واحد, نبي واحد، وكتاب واحد، ومنهج واحد، وطريق واحد لغاية واحدة، هي رضا الله والجنة.
آية الكرسي التي نقرؤها وهي من أعظم آيات القرآن الكريم يقول الله سبحانه وتعالى فيها: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}(البقرة: من الآية255) ثقوا به؛ لأنه الله الذي لا إله غيره, أي هو من يملك شئونكم، من بيده شئونكم وأموركم، هو من يدبر أموركم، هو وحده الذي يمكن أن تألهوا إليه، وتلتجئوا إليه.. هو الحي لا يمكن أن تقول:[ربما قد مات، الله يرحمه، إيش عبَّا يسوي لنا]؟ لا، هو الحي.. هو الشاهد على كل شيء.
قيوم، هو القيوم على كل شيء, فهو قائم على كل نفس بما كسبت. هو القيوم هو الشاهد على هذا العالم من يقوم بتدبير شئونك، هو من يقوم بتحقيق ما وعدك به، بإنجاز ما وعدك به.
هو أيضاً {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ}أول النوم، أو نوع من الغفلة، {وَلا نَوْمٌ} فيمكن أن يهاجموك وهو راقد.. لا، يقول واحد [والله إما إذا هو بيرقد فيمكن يباغتونا وهو راقد ويرجع ينتبه وقد نجحت] لا, لا.. الله سبحانه وتعالى لا يغفل، لا ينام، لا يسهو، لا ينسى عندما تثق به فأنت تثق بمن لا يغفل عنك لحظة واحدة، بمن هو عليم بذات الصدور، صدرك أنت, وصدر عدوك, فثق بمن يستطيع أن يملأ قلبك إيمانا وقوة، ويملأ قلب عدوك رعباً وخوفاً {سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ}(لأنفال: من الآية12).
من هو الذي يمكن أن تتولاه, وله هيمنة على القلوب؟ من هو الذي يمكن؟ لا زعيم، لا رئيس، لا ملك، لا أي أحد في هذا العالم له هيمنة على القلوب.. ألم يقل الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله):((نصرت بالرعب من مسيرة شهر))؟ من أين جاء هذا الرعب؟ من قبل الله، هو الذي هو مطلع على القلوب، وبيده القلوب يستطيع أن يملأها رعباً, ويملأ تلك القلوب قوة وإيماناً وثقة، وعزماً وإرادة صلبة؛ لأنه قيوم لا تأخذه سنة ولا نوم.
ممكن يكون معك وأنت في الدنيا هذه صديق مسئول أو تاجر، يحصل موقف، تسير إلى عند باب بيته.. قالوا: لحظة عاده راقد.. يا جماعة احنا عجّالين بلغوه.. قالوا ما يمكن.. لأنه عادة كل من هو كبير في هذه الدنيا كلما بيكون أكثر ابتعاداً عن الناس.. راقد! شٌوفُوه لنا.. ذا معنا ورقة نريد يعمل لنا توجيه إلى عند فلان، معنا مشكلة كذا وكذا، ونريد.. قالوا: لحظة.. راقد، ويمكن أن تخلي الورقة عند الحارس وتجي لها إنشاء الله بكره؛ لأن وليك هذا هو يسهر على الفيديو إلى ما قبل الفجر، ويتابع الفضائيات إلى ما قبل الفجر، ثم ينام ويواصل نومه إلى الظهر، وهناك من يذهب يشتري له قات، ويذهب يشتري مصاريف البيت، وهو يصحو فقط في الظهر، وأنت منتظر له عند الباب، لأن وليك هذا راقد، تأخذه ساعات من النوم، والورقة حقك عندما توصلها عنده يقلبها قليلاً، وهو متأثر بعد النوم، عاده مِبَخِر بعد الغداء، وإن شاء الله عندما يصحو بالقات قبل المغرب يرجع يشوف ورقتك، ثم يحولها: [الأخ الفلاني اطلعوا على قضية الأخ فلان وانظروا فيها على حسب ما بدا لكم]. مثل هذا ليس جديراً بأن تتولاه, وأن تثق به بعيداً عن الله سبحانه وتعالى.