الشدة في مواجهة الطواغيت هي الحكمة التي أرشد الله اليها.
بصائر من نور القياده.
السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي.
خطاب المولد النبوي للعام الهجري 1429هـ.
{مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً}(الفتح:من الآية29) رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن معه يقتدون به, يتبعونه, لديهم الشدة, هم أشداء, لكن على من؟ تلك الشدة, تلك القسوة على من؟ على الكفار, على الكفار, على الشر, على الباطل, على الظلم, على الطغيان, أشداء على الكفار؛ لأنه لا يجدي أمام الكفار إلا الشدة, الشدة في مواجهة الكفار هي الحكمة, هي الحكمة التي أرشد إليها الله, وأمر بها الله؛ لأن الكفار لا يمتلكون قيم, وليس فيهم إنسانية, ليس لديهم رحمة, ولا لديهم ضمير, فهم حينما لا يكون هناك شدة في مواجهتهم وعليهم, حينما يُعاملون بالرحمة, ويُعاملون بالدبلوماسية والعلاقات وما شابه ذلك يكونون هم من يسطون على الأمة, من يفتكون بالأمة, من يضربون الأمة, من يذلون الأمة, وهذا واقع, هذا واقع – أيها الإخوة – أمام الكفار من اليهود والنصارى, الأمريكيين والإسرائيليين, هؤلاء هل أجدى تلك السياسة التي يعتمد عليها الحكام العرب؟ الليونة, اللطف, الدبلوماسية, العلاقات, مد اليد للسلام, وما أشبه ذلك هل أجدت؟ لم تجدِ شيئاً, لم تدفع ضراً ولم تكشف شراً, ولا دفعت عن الأمة أي خطر أبداً.
الله جل شأنه أرشدنا إلى سلوك يتصف به محمد, ومنهج اعتمده محمد ومن معه, منهج من الله قُدِم في كتب الله السابقة كما قُدِم في القرآن الكريم {أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ} ليس لديهم الضعف, ولا الوهن ولا الذلة ولا العجز أبداً.
أما في داخل المجتمع المسلم, المجتمع الإيماني المتربي بتربية محمد, المتمسك بنهج محمد, الآخذ بتعاليم محمد, }رحماء بينهم{, داخلهم الرحمة, الرحمة في كل أشكالها, في تعاملهم مع بعضهم البعض, في اهتمامهم ببعضهم البعض, في طريقة تعاطيهم مع قضاياهم الداخلية, الإيثار, التعاون, التكاتف, }رحماء بينهم{, لا مكان للشدة فيما بينهم, مجتمع متوحد, متكاتف, معتصم وقوي, }رحماء بينهم{, أما خضوعهم أما ركوعهم أما تذللهم أمام الله, أمام الله {تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً}، لا يذهبون إلى البيت الأبيض في أمريكا ليحنوا رؤوسهم أمام بوش, لا يتعلمون هذا ولا يفعلونه, لا يحنون رؤوسهم لا لطواغيت ولا لمجرمين, ولا لمستكبرين أبداً {تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً} {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ} هذا هو رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأتى بمشروع معه الله, مشروع ينتصر ويغلب, كما قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}