لا يجوز للناس أن يبدلوا نعمة الله كفراً بالمعاصي وعدم الشكر.
برنامج رجال الله اليومي.
السيد حسين بدر الدين الحوثي.
معرفة الله نعم الله الدرس الخامس صـ5 ـ 6.
لا يجوز للناس أن يبدلوا نعمة الله كفراً، ماذا لو ضرب الله هذه الشجرة، ونحن في أوضاع كهذه؟. ماذا سنعمل؟. لو حاول الناس أن يزرعوا حبوباً من جديد، فحتى لو قلنا بالإمكان أن يكون هناك مضخات فالماء في الأرض قد ضرب أيضاً. الله بيده كل شيء، هو مالك الملك، إذا كنت تعتقد بأن بإمكانك أن تستغني عن المطر.. هي مؤشرات خطيرة، نقول للناس لا بد من عودة إلى الله، وحتى لو قلنا الحكومة نفسها تعمل شيئاً ماذا يمكن أن تعمل؟.
أن تعمل مضخات، الماء في الأرض مشرف على الانتهاء، تعمل سدوداً، السدود تحتاج إلى أمطار، ثم إذا جاء سد، يكون الناس بحاجة إلى اغترافه لبيوتهم ومواشيهم، بالدرجة التي لا يكادون يوفرون إلا القليل للزراعة، ثم في هذه الجبال الشاهقة أين مواقع السدود الكبيرة التي يمكن أن تكون سدوداً كبيرة تكفي لسقي المزارع وحاجات البيوت والمواشي؟.
لا مجال إلا العودة إلى الله سبحانه وتعالى، فنشكر الله على هذه النعمة، نبتعد عن الأيمان الفاجرة، عن الكذب، عن الغش، عن الخيانة، لا يلهينا العمل في التجارة في هذه الشجرة عن ذكر الله تعالى، عن أن تؤدي بنا إلى التقصير في طاعة الله تعالى، هذه نعمة سنحولها إلى كفر.
نشكر الله سبحانه وتعالى عليها وفي نفس الوقت نحاول أن نهيئ أنفسنا بالشكل الذي نرجو من الله سبحانه وتعالى أن يعيد علينا بركات السماء وبركات الأرض.. {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}(الأعراف: من الآية96) هذا وعد من الله سبحانه وتعالى {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً}(نوح:12) أليس هذا من وعود الله سبحانه وتعالى؟.{وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً} (الجـن:16).
والحياة مرتبطة بالماء، الأرزاق مرتبطة بالماء، بل حريتنا مرتبطة بالماء، بل نصر ديننا مرتبط بالماء، والماء بيد من؟.خزائنه بيد الله تعالى.. فالله سبحانه وتعالى متى ما رجعنا إليه فهو رحيم بنا، هو من يرحمنا حتى ونحن في حالة الإعراض عنه فيسعفنا بجرعات اقتصادية، ليست كالجرعات الاقتصادية التي تأتي من قبل الحكومة كرفع أسعار ونحوها، بل يعطينا أشياء يهيئ لنا المعيشة بأشياء في حالة مؤقتة حتى نصحح وضعيتنا، وحتى يمكننا أن نعود إلى وضعنا الطبيعي، وضعنا الطبيعي الذي يمكِّننا من أن نعتمد على أنفسنا، فيما يتعلق بغذائنا، فيما يتعلق بحاجاتنا ـ ولو على الأقل ـ الضرورية.
حتى البيضة تأتي من خارج، الدجاجة تأتي من خارج، كل ما بين أيدينا كل ما في مطابخنا، كل ما في أسواقنا كله من خارج، من عند أعدائنا، أليست هذه وضعية سيئة، وضعية خطيرة جداً.
ثم إذا كنا مصرين على أن نزرع القات جيلاً بعد جيل، هذا أيضاً من الإصرار على أننا لسنا مستعدين على أن نقف موقفاً يرضي الله سبحانه وتعالى، في مجال نصر دينه، وإعلاء كلمته، وأن نقف في وجه المفسدين في الأرض: اليهود والنصارى وأوليائهم.. إذا كنت مصرًّا على زراعة القات باستمرار وأن تورثها للأجيال من بعدك فأنت مصر على قعودك عن نصر دين الله؛ لأن الله عندما يقول لنا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ}(الصف: من الآية14) يأمرنا بأمر يوجب علينا أن نهيئ وضعيتنا بالشكل الذي نستطيع أن نكون فيه ممن يحقق نصر الله، ومنه الجانب الاقتصادي، تأمين غذائنا.
فليحاول الناس ـ وقد كثرت الأسر ـ أن يحرثوا أي أماكن لا تزال غير مزروعة، يحرثونها وليس كل مكان يجهزونه للزراعة يغرسونه قات، يحاول الناس أن يزرعوا الحبوب، ولو بنسبة بسيطة، ونرجع قليلاً قليلاً إلى وضعنا الطبيعي في رجوعنا إلى الله سبحانه وتعالى من خلال رجوعنا إلى الله قليلاً قليلاً حتى نعود بالشكل الذي يريد الله سبحانه وتعالى أن نكون عليه.
نعود إلى نفس الموضوع:
{أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ} (الواقعة:68) أأنتم ترون هذا الماء؟. نعم نحن نراه، ونحن نعرف أننا لسنا نحن الذين نخلقه وننتجه، هل الماء تنتجه المصانع؟. {أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ} (الواقعة:69).
سؤال، كيف سيكون الجواب: أنت يا الله الذي تنـزله من المزن، من السحاب {لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً}(الواقعة: من الآية70) مالحاً فلا يصلح للشرب ولا يصلح لسقي الأرض، هل بإمكانك أن تسقي نباتات من البحر؟. لا يصلح.
أليس ماء البحر كثير جداً؟ لكن لا يصلح لا للشرب ولا لزراعة الأشجار، ولا لسقي المزارع بل ولا يصلح أحياناً استخدامه مع بعض أدوات التنظيف، أحياناً لا يصلح استخدامه مع بعض أنواع الصابون، لا يقبل.
ألسنا مؤمنين بأن الله سبحانه وتعالى يستطيع أن يجعله أجاجاً: مالحاً شديد الملوحة؟ يستطيع حتى ولو أبقاه كثيراً في متناولنا، لكن يستطيع أن يحوله إلى مالح, أو يغوِّره في أعماق الأرض {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ} (الملك:30).
من الذي يعطيكم بديلاً، هل أمريكا يمكن أن تعطينا ماء؟. أو اليابان أو الصين يمكن أن يعطونا ماء؟. مصانع تنتج ماء؟ لا.. هل تستطيع الدولة نفسها أن تعطينا ماء؟. هي تصيح على الناس المزارعين بأنه حاولوا أن تقللوا من استخدام المياه العشوائي، مخزون الماء معرض للانتهاء. ليس المخزون، إنما هو نحن، مخزون العودة إلى الله قد انتهى، مخزون العودة إلى الله في أنفسنا هو الذي انتهى. نحن لو عدنا إلى الله لما خشينا؛ لأنه قال: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً} (الجـن:16) فليكن من السماء وليكن من باطن الأرض.
الحفاظ على الماء في استهلاكه قضية مهمة، والتبذير بالماء هو من التبذير الذي نهى الله عنه في كتابه الكريم، وشبه المبذرين بأنهم إخوان الشياطين {وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ}(الاسراء: من الآية27) هذه الآية من الشواهد المهمة على أهمية الجانب الاقتصادي في حياة الناس، على أهمية الجانب الاقتصادي فيما يتعلق بقيامهم بواجباتهم ومسئولياتهم أمام الله سبحانه وتعالى؛ لأن حياتنا مرتبطة بالماء، فغذاؤنا مرتبط بالماء، رزقنا مرتبط بالماء، بل سماه رزقاً في آيات أخرى سمى الماء رزقاً، هكذا مباشرة.
فمن يبذر بالماء كأنه شيطان، أي كأنه يعمل على أن يضرب الأمة من أساسها، حتى لا تستطيع أن تقف على قدميها في النهوض بواجباتها الدينية {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} هو لا يقدر نعمة الله سبحانه وتعالى، هو لا يعترف بالأهمية الكبرى للماء في أنه هو أساس الحياة، هو عمود الحياة: حياة الأرض، وحياة الأنفس، بل حياة الإيمان، حياة الدين، بل حياة الأمة، عزتها كرامتها.
إسرائيل تحاول أن تهدد سوريا والعراق بضرب الأنهار التي تأتي من داخل تركيا في اتفاقيات مع تركيا بأن تحول الماء إلى داخل إسرائيل، لاحظوا كيف اليهود داخل إسرائيل يحاولون بأي طريقة على أن يحصلوا على كميات كبيرة تؤمن لهم حاجتهم من الماء، أذكياء، أذكياء، بأي طريقة يحاولون أن يحصلوا على ما يؤمن لهم الماء من أجل أن يستطيعوا أن يقفوا على أقدامهم أكثر مما قد حصل في مواجهتنا.
والعرب يتعرضون في شعوب كثيرة إلى أزمة مياه، بل هي قد تكون الأزمة الخانقة داخل هذه الأمة؛ لأن معظم الشعوب العربية لا تمتلك أنهاراً، أو لديها أنهار تأتي منابعها تأتي من بلدان هي لا تزال تحمل عداءً سواء للإسلام أو للعرب. بعض البلدان وإن كانت إسلامية مستعدة أن تدخل في اتفاقيات تضر بالبلاد الإسلامية العربية، لعداء للعربي لديهم، في الوقت الذي تعمل إسرائيل على أن تحصل على كميات كبيرة من الماء حكوماتنا هنا لا تحاول أن تفكر جادة في ما هو الذي يؤمن لها الماء، فقط يوجهوننا إلى ترشيد استهلاك الماء، سواء في المنازل أو في المزارع، هذا جيد لكن ماذا تملكون أنتم في سبيل توفير المياه؟.
تبنى سدود صغيرة هنا وهناك وخزانات صغيرة هنا وهناك، هذه الخزانات وهذه السدود جيدة، لكنها لا تؤمن الحاجة الضرورية للماء إلا للبيوت على أكثر تقدير، بالنسبة للمزارع كثير من المناطق لا يصلح فيها سدود تكون كافية لسقي الأراضي ولفترات طويلة فيما لو بقي الجفاف من سنتين فما فوق.
لماذا إسرائيل تفكر أن تحصل على الماء وتؤمن لنفسها، وأنتم لا تفكرون؟!.