في اليمن ذُبحت طفولة الإنسانية؟. بقلم/ ماجد الوشلي
| مقالات | 3 ذو الحجة 1439هـ/ الثقافة القرآنية:- على مدى سنوات عديدة وطفولة اليمن لا تزالُ تحت نيرانِ عدوٍّ لا يعرفُ عن الدين والأخلاق والإنْسَانيةِ شيئاً، وعلى مرأى ومسمع عالمٍ لا يقلُّ عنه دمويةً وإجراماً ووحشيةً، فالأولُ يقتلُ بطائراته وصواريخه وذاك الآخر يقتلُ بصمته وسكوته، ويقبل على نفسه وصمة العار لتأريخه ومستقبله، ويصمت جوارحه حتى لا يصبحَ في قائمة النضال، ويخشى أن تصيبه أوهامُ المعتدين..!
نعم هذه هي الحقيقة وهذا هو المشهد المؤلم على طفولة الإنْسَانية ونحن نلاحظ بين الحين والآخر أنهم لم يستثنوا بصواريخهم المعتدية أحداً..!
وها هو الحالُ أننا نراها تنزلُ دونَ استئذانٍ لتداهِـمَ الأبرياءَ دون رحمةٍ وتحوِّلَهم إلى أشلاءٍ متناثرة..! تأتي طائراتُهم لتقذفَ صواريخُها وترحَـلَ تاركةً خلفها رائحةَ الموت لا تفريق بين مُدُنٍ ولا محارب لا بين الصغير والكبير، لقد صبوا جامَ حقدِهم على كُـلّ آثار الحياة والإنْسَان، وجعلوا من اليمن مسرحاً عبثياً لتجارب أسلحتهم المتلطخة بدماء الأبرياء من أبناء الشعب اليمني..!
وفي النتيجة نرى جميعَهم مدنيين أبرياءً، نساءً وأطفالاً، رجالاً ومسنّين، ذكوراً وإناثاً، وكأنها تريدُ أن تكونَ عادلةً في إجرامِها فتقتُلُ الجميعَ بلا استثناءٍ، طفولة اليمن أصبحت عنواناً لكل مظلومية العالم؛ لأنَّها اختزنت بين كفتيها حروف الأوجاع وأبجدية الآلام..!
وهنا لا بُـدَّ من تذكيرٍ للإحصائية التي فاقت فوق تصور الجرائم المستمرة من قِبل التحالف السعودي الأمريكي على طفولة اليمن، فقد بلغ عددُ القتلى من الأطفال ما يقارب 3359 والجرحى 3310 وإجمالي الضحايا 6669 بحسب إحصائية المركز القانوني للحقوق والتنمية
وهذا عددٌ لا يحصى من الجرائم والمجازرِ غير القانونية التي استمرأ العدوان على ارتكابها..
وهنا نُذكِّــرُ بالجريمة الكبرى بحق أطفال اليمن الخميس بتأريخ 9\8\2018 طلاب ضحيان في مدينة صعدة الذين استهدفهم طائرات التحالف السعودي الأمريكي بغارةٍ معتديةٍ لا تقلُّ بشاعةً عن سابقاتها، راح ضحيتها حوالي 51 شهيداً وَ79 جريحاً جُلُّهم من الأطفال والمدنيين الذين كانوا في طريقهم إلى مركزهم التعليمي..
وهذه الجريمة التي استنكرتها الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي ومنظّـمات دولية وإقليمية وأكّـدت على عدم مشروعية الغارات والمجازر على المدنيين والأبرياء من أبناء الشعب اليمني لم تلاقِ استجابة ولم تغير من موازين المعادلة شيئاً..!
هذهِ المشاهد وغيرها التي تخالف كُـلّ قوانين الإنْسَانية وتضرب بها عرضَ الحائط، ولا تبالي بأيٍّ من الأعراف الدولية والتي تحرِّمُ كُـلّ أنواع القتل ضد الطفولة، وتجعلُ من قضايا الإنْسَانية عنواناً عريضاً وخطاً أحمرَ في المحكمة الدولية ومجلس الأمن الدولي، وتُقيّم العقوبات والحروب على من خالفها، إلا أننا نجدها في اليمن غائبةً عن ذلك بكل قوانينها وبرامجها، وهذا ما يجعلُ دول العالم مسرحاً للعبة الأمم وعشوائية القرار لمن يملكُ القُـوَّة..!
ونلاحظُ ردود الفعل الدولية ولعل أبرزها منظّـمة اليونسيف في تصريحها بعد جريمة طلاب ضحيان قالت: هل يحتاج العالم إلى المزيد من الأطفال القتلى لوقف الحرب على اليمن ولا أعذار بعد مقتل العديد من الأطفال في الهجوم على صعدة.
ونجد من يساوي بين الضحية والجلاد في مواقفهم وها هي منسقة الشؤون الإنْسَانية بالأمم المتحدة تقول: أطراف النزاع في اليمن يجب أن تلتزم بالقانون الدولي ثم يقولون: إنها الأزمة الإنْسَانية الأسوأ في العالم؟!
إذا كانت قضية اليمن بهذا الحجم فلماذا كُـلّ هذا التغاضي عما يحدث رغم المجازر المهولة بحق المدنيين والأبرياء؟ لا بُـدَّ من إعادة النظر في كُـلّ ما يحدُثُ حتى تجديَ نفعاً في إيقاف الحرب العدوانية على كُـلّ مقومات الحياة اليمنية..
والمفارقةُ العجيبة حين تسمع تبريرات العدوان بأنهم قصفوا أخطر شبكة كانت تعدُّ للمنظومة الصاروخية والقتالية، ويتباهون بكل هذه الجرائم وأنها ضمن رصد دقيق وعمل مخابراتي تتبع كُـلّ خطواتهم؟! هل يعقل أننا في القرن الواحد والعشرين بكل تطوره وعظمته في برامج التكنولوجيا الحديثة بأرقى أجهزتها أنها لم تستطِع أن تفرِّقَ بين الأطفال والمقاتلين؟! هل هذه هي أكذوبةٌ أُخْـرَى ضمن مسلسل أكاذيب وفبركات العدوان منذُ ثلاث سنوات ونصف سنة؟! لم تعد خافيةً كلُّ هذه الجرائم على أحد وغطاؤهم عنها لن يمر مرور الكرام وهذه الدماء البريئة ستجرفهم إلى نهاية التأريخ مهما كانت النتائج وهذه سنن التأريخ ولا يمكن أن تتغير..
إنّ هذه الجرائم العدوانية بحقِّ أطفال اليمن كفيلةٌ بأن تكونَ السببَ الرئيسيَّ لملاحقة النظام السعودي والإماراتي في كُـلّ المحافل والمحاكم الدولية، وتعريته أمام الرأي العام حتى لا تبقى أية مبرّرات حولَ مشروعية اعتدائه على اليمن،؛ لأنّنا نلاحظ بالجُرم المشهود أنها جرائمُ حرب يُعَاقِبُ عليها القانونُ الدولي ولا تقبَلُها المواثيق والمعاهدات الدولية، فضحايا القنابل العنقودية شاهدةٌ على دموية الإجرام بحقِّ أطفال اليمن وعلى مدى سنوات عديدة.
طفولةُ اليمن والتي لا زالت منذُ سنواتٍ تحلُمُ بحياةٍ هادئةٍ وعيشٍ مُستقر في ليلها ونهارها، وتجعل من البسمة وجهاً مشرقاً لغدٍ يتحقّقُ فيه أحلامُهم وآمالهم؛ إلا أننا نرى صدماتٍ تقرعُ جرس الحياة وتقلب المشهد دموياً وسرعان ما أطفأها صاروخٌ وحشيٌ مشتعلٌ بالحقدِ والإجرام ليخلّف وراءه دماءً وأشلاءً وجراحاتٍ ودموعاً وأوجاعْ ورغم كُـلّ ذلك لا زلت طفولةُ اليمن عنواناً لكل مظلومية تبحُثُ عنها الإنْسَانية في أروقة الحياة..!
ولا بد هنا من نداءٍ للإنْسَانية جمعاء أخبروني أمام كُـلّ هذه المجازر التي لم تعُد خافية.. أين دُفِنَ العالم..؟! في أية مقبرة وارت الصهيونية ثراه حتى لم نسمعْ لهُ حسيساً من كُـلّ ما يجري اليوم في اليمن من مجازرَ يومية هل أصبحت طفولةُ اليمن ثقلاً على قانون الإنْسَان حتى يتخلَّصَ منه أم أن قانونَ الأمم لا يصلح إلا لمَن يؤمن بفكره وينادي بثقافته، ومَن يخالفه يصبح مسرحاً دموياً لكل ألوان القتل ومخالفا شرعياً لأدوات الإجرام..؟!
هل أصبحَ ضميرُ الإنْسَانية ميتاً إلى درجة أنك لم تعُد تفرق بينه وبين حروف الصمت وأبجدية السكوت؟ أين هي الشرعية الدولية وعصابة الأمم المتحدة “عُصبة الأمم المتحدة”، ومجلس الأمن الدولي، وجامعة الدول العربية ومنظّـمة التعاون الإسْـلَامي؟ بل أين هي شعارات الإنْسَانية والحرية ومدّعي الثقافة الإنْسَانية..؟! هل أصبح معنى الحيادية وعدم التدخل في الدفاع عن الطفولة جريمةً يعاقِبُ عليها القانون؟! ماذا تركت لكم الجامعةُ من آثارٍ على نتائج حياتكم ووطنكم وبلدانكم؟ هل أصبحتم لم تفرقوا بين الانتماء الوطني والانتماء السياسي؟!
أية جريمة حلت بعقولكم حتى أصبحتم بهذه الحالة كأنكم منتقمون من وطنكم!؟
ولماذا كُـلّ هذه المجازر والجرائم بحق طفولة اليمن؟ أين اتّفاقيات ولوائح حقوق الإنْسَان..؟ أين القوانينُ والشرائعُ واللوائحُ الدولية التي تنادي بحفظِ وصيانةِ الدماء واحترام إنْسَانية الإنْسَان؟ ألم تعد كافيةً تلك الجرائمُ حتى تصبح المعادلة واضحة لكل من لا زال يظن بنظرات واهمة حول ما يحدث في اليمن..؟!
ولنسمعَ من به صممُ أين العناوين اللافتة، والشعارات الرنانة، واليافطات العريضة، التي خرموا بها آذاننا أما آن الأوان أن يتذكروا ولو مقدّمةً واحدةً لمعاني الإنْسَانية..؟!
أين نحن..؟! أين نعيش..؟! في عالمٍ وهمي سرابي..؟! يتلاعب به شرذمةٌ من المجرمين وثلة من العابثين بوطننا..! عصابة من مصاصي الدماء وهُوَاة القتل وسفك الدماء..! عصابة من صهاينة العرب وممالك الإجرام..؟!
فليسقُطْ عالُمُهم السرابي، ولتسقطْ شرعيتهم الدولية وقوانينهم، ولوائحهم وشعاراتهم ويافطاتهم، فلتسقط كلها أمام قطرةِ دمٍ يمني، أمام أشلاء طفل متناثرة، أمامَ جثث الضحايا المتفحمة، فلتسقطَ كلها ولتذهبَ إلى حيث المنتهى؛ لأنَّنا لم نعد نأمَنُ من مَكرهم وخداعهم لم نعد نراهِنُ على صَفقاتهم وآمالهم لم تعد قوانينُهم تمثلُ لنا شيئاً؛ لأنَّها أصبحت في مزبلة التأريخ الدموي الشاهد على جرائمهم وعدوانهم على كُـلّ مقومات الحياة اليمنية..
وفوقَ كُـلّ ذلك ننادي من به ذرةٌ من إنْسَانية أفِق أيها العالم الرازح خلف قضبانِ الصمت، إنَّ ما يجري في اليمن كفيلٌ بأن يبعثَكم من موتتكم ويكسِرَ صمتَكم قبل أن تذوقوا حَـرَّ نيران الظلم والإجرام.. أفيقوا قبل أن لا يكون هناك مجالٌ ومتسعٌ لأن تفيقوا؛ لأنَّها فاصلةٌ للتأريخ وبين مفترق الطرق ونقطة الموقف، وهنا لا بُـدَّ من كلمة حق كي لا تكونَ شريكاً في قتل الطفولة والإنْسَانية..!
وهنا قد تَمُــرُّ هذه الكلمات على قارئها كحروفٍ عاديةٍ وعباراتٍ عابرةٍ صيغت ضمنَ أبجديةِ التنديد والاستنكارِ وعرض المظلومية، لكنها واقعاً شيءٌ آخر نختلفُ في عُمقنا وفكرنا نوصل الرسالة ونقدّم الحجة وتبقى هذه الكلمات في تأريخ الشرف ومواقف الإباء..!
إنها آهاتُ ثكلى، دموعٌ يتيم، أشلاءُ طفلٍ بريء، صراخُ أبٍ مكلوم، إنها جُـــرْحٌ لن يبرى إلا بالنصرِ الإلهيِّ المؤزر، فَحتماً سننتصر والعاقبة للمتقين..
إنَّ في اليمن الجريح عنواناً لكل مظلوميةِ الدنيا، لا تعد الكلمات معبّـرةً عن كُـلّ ما يختزنُ فيها فقد أعمت أعينَهم أوهامُ وسرابُ العابثين بالأوطان، واعتدوا على إنْسَانية الإنْسَان، ولم تكفِ صواريخهم على طفولة اليمن بل أرسلوها عربوناً كي تبقى محفورةً في مزبلة تأريخهم الملطخ بالدماء_ التأريخ الأسود _ وكان لا بُـدَّ من كلمة حرة تجعلُ من الضمير شاهداً على كُـلّ جرائم العدوان بحق المدنيين والأبرياء من أبناء الشعب اليمني المقاوم.