خطورة العواقب التي رسمها الله على التفريط والتقصير.
يوميات من هدي القران الكريم.
السيد حسين بدر الدين الحوثي.
الدرس الرابع من سورة ال عمران صـ15.
لا شيء إطلاقاً يشكل خطورة على الناس أعظم من خطورة العواقب التي رسمها الله أمامنا في آياته على التفريط، والتواني، والتقصير، وبعدم الثقة به، والرجوع إليه، إلا متى ما أحسينا بحاجة، متى ما أحس واحد [بجيبه فاضي]، وجاء قليل جدب [اللهم إنا نسألك، اللهم اسقنا، اللهم، اللهم .. ] نرجع إلى الله، فمتى ما سقانا الله، وأصبح لدينا نعمة، لا نعد نفكر في شيء آخر.
ثم يبين في هذه الآيات أن ما يقوله الله سبحانه وتعالى عن بني إسرائيل، أن ما يقوله عنهم هو كلام موضوعي، حقائق عادلة، هو لم يتجن على اليهود؛ ليقول لنا نحن: أن ننظر إلى قضية أهل الكتاب في القرآن بنظرة موضوعية، نظرة نأخذ منها الدرس، نأخذ منها العبرة، وليس فقط نأخذ من مجملها، ونخرج من أولها إلى آخرها، نخرج بمجرد اللعنة لليهود فقط، نقول: لاحظوا كيف لعنهم الله في القرآن، لاحظوا كيف كذا .. وبس، خذ عبرة؛ لأنه وهو يتحدث عن بني إسرائيل؛ هو ليضرب مثلاً لهذه الأمة، أنه يمكن أن يحكم عليها بما حكم على بني إسرائيل، وأن تذوق على يديه ما ذاقه بنوا إسرائيل، إذا ما سلكوا طريقة بني إسرائيل.
وليقول لأولئك الذين فضلهم الله واختارهم أيضاً، وأوجب على الأمة محبتهم، فأصبحوا يغضبون إذا ما قيل: هذا شخص لا يحبنا، إذا ما قيل هذا ناصبي، إذا ما قيل كذا .. اغضبوا على أنفسكم أولاً، أن تقصروا، أن تفرطوا، أنتم معرَّضون لما تعرض له بنوا إسرائيل، الذين قد اختارهم الله من قبلكم، وفضلهم على العالمين من قبلكم، فأصبحوا: ضربت عليهم الذلة، والمسكنة، وأصبحوا من باءوا بغضب من الله، وهم أبناء نبيه إبراهيم، أبناء خليله {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} (النساء: من الآية125) هم أبناؤه، هم صفوته {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ} (آل عمران: من الآية33 – 34).
ألم يصطفيهم الله؟ لماذا ضرب عليهم الذلة والمسكنة؟ الله لا يتعامل مع أوليائه هكذا؛ لأنه قد أصبح لم يعد بحاجة إليهم، كما تتعامل أمريكا مع عملائها، وكما تتعامل إسرائيل مع عملائها، لم يعد بحاجة إليهم فيرفضهم، ويبحث عن عميل آخر، لا، سننه ثابتة، متى ما كنت تسير على سنته، وستتغير، وتدخل في سنة أخرى متى ما تغيرت أنت؛ لأنه قال هنا: {ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} (آل عمران: من الآية112) عندما يحصل عصيان، عندما يحصل تفريط، وماذا حصل عصيان فيهم، حصل عصيان في الجانب الذي يتعارض مع مسؤوليتهم، أصبحت معصيتهم من النوع الذي يتنافى مع ما يراد منهم، كما قال سابقاً في هذه الآيات التي تلوناها سابقاً: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ} (آل عمران: من الآية99). ماذا يعني؟ أليس هذا مما يتنافى مع مسؤوليتكم، ومع ما يراد منكم؟ الصد عن سبيل الله من آمن به، وتبغونها عوجاً، وأنتم، أنتم شهداء على الناس، شهداء تدعون الناس إلى الإستقامة.
إن من واجبكم أن تكونوا أول من يؤمن بمحمد، أول من يؤمن بالقرآن، أول من ينطلق تحت راية نبي من أنبياء الله، فلله الحق أن يختار نبياً من هنا، أو من هنا، فتنطلقون تحت راية محمد، كما انطلقتم تحت راية موسى وعيسى، وغيرهم من أنبياء الله، من بني إسرائيل، فكيف تتحولون إلى هذا التحول الذي يتنافى مع مسؤوليتكم، ومع ما أنيط بكم {وَأَنْتُمْ شُهَدَاءَ} كذلك يقال للعرب، كذلك يقال لأهل البيت، كذلك يقال لشيعة أهل البيت، {لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ} لم تفرطون، لم تقصرون، لم تعملون الأعمال التي تتنافى مع ما أراد الله منكم، تتنافى مع ما أنيط بكم من مسؤولية بأن تكونوا أنتم الشهداء على الناس؟.