البرنامج اليومي (خوفنا من العقوبات في الدنيا سيدفعنا الى ترك المعاصي التي تؤدي إليها وبالتالي سنسلم العقوبة الشديدة في الآخرة.).
برنامج رجال الله اليومي.
معرفة الله وعده ووعيده الدرس الرابع عشر صـ 7ـ8.
السيد حسين بدر الدين الحوثي.
ننظر إلى أنفسنا فإذا بنا لا نستطيع أن نقف على أقدامنا، الجانب الاقتصادي لنا منهار.
لأهمية المال في بناء الأمة, وفي أن تنطلق الأمة في مواجهة أعدائها وأن تنطلق الأمة في القيام بمسئوليتها، ولأثر الربا السيء فيما يتعلق بهذا الجانب الله قال: إنه سيحارب. أليس هذا أقصى ما يمكنك أن تصل إليه مع الطرف الآخر الذي بينك وبينه خلاف حول قضية ما؟ [إما أن تترك وإلا فالوجه ابيض] أليست هذه العبارة هي آخر شيء؟ يدل على أن هذا الشيء مهم لديك. هذه القضية لا أتسامح فيها أبداً. هل يسمعها أصحاب البنوك؟ هل يسمعها التجار؟ هل يسمعها الناس جميعاً؟ هل يرون آثارها في أنفسهم وفي الحياة؟ آثار الحرب الإلهية؟ نحن نرى آثار الحرب الإلهية في كل شيء.
{فَأْذَنُوا} إيذان أي: إعلام {بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} أليست المعيشة كل عام تكون أصعب؟ والبركات كل عام أقل؟ والنفوس كل عام أشد تبايناً؟ والقلوب أشد اكتظاماً وأشد ضيقاً؟ الصدور تضيق، النفوس تتباين، المعيشة تشتد، والمنتجات تتدنى، و[الحَب] هذا نفسه الذي لا نحصل عليه إلا من الخارج نرى أنفسنا نرى الكثير لا يستطيع أن يشتري إلا نصف كيس، و هو كل ما يملك داخل البيت، هل هناك احتياط من الحبوب داخل البيوت؟ لا. بل ولا كيس واحد، نصف كيس دقيق، ثم ربع كيس ثم سيصل الناس إلى الكيلو، وقد بدأ البيع بالكيلو للدقيق.
ثم أين البدائل؟ هل هناك في أموالنا، هل هناك من محافظات أخرى داخل بلادنا منتجات أخرى؟ نحن أصبحنا نحارب حتى في قوتنا.. من الذي أوصلنا إلى هذا؟ هم المرابون الذين ثقفهم اليهود والذين استساغوا الربا على أيدي اليهود. ونحن قلنا أكثر من مرة أنه هكذا يعمل اليهود يضلونا من حيث لا نشعر، يضربوننا من حيث لا نشعر، يفسدوننا من حيث لا نشعر، يدوسوننا بأقدامهم ونحن لا نحس بشيء. هذا هو ما يحصل.
كيف لو بعث رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) من جديد إلى هذه الحياة ورأى أمته هذه المنتشرة في متخلف بقاع العالم تأكل ربا وتتعامل بالربا.. كيف سيكون شعوره أمام هذه الأمة؟ سينظر هل ربما أن القرآن غير موجود، ربما هم لم يطلعوا على آية كهذه، ثم يرى أن القرآن أيضاً ما يزال داخل بيوت أعضاء المجالس الإدارية للبنوك، أو مجموعة من التجار أصحاب بنك يتعاملون بالربا، المصاحف داخل بيوتهم وهم من يبنون أيضا حجرات خاصة للصلاة في بعض البنوك، وفيها مجموعة من المصاحف داخل مبنى البنك! يحصل هذا في بعض البنوك.
أين نحن من آية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ} (البقرة:279) وقد أصبح الربا عندنا مستساغاً.وأصبح شيئاً مألوفاً لدينا.. هذا هو الترويض من قبل اليهود الذين يروضوننا شيئاً, فشيئاً, فشيئاً إلى أن يصبح كل فساد من جانبهم مستساغاً، ويلطموننا لطمة بعد لطمة، صغيرة، ثم أكبر منها ثم أكبر ثم أكبر حتى تصبح الركلة بالقدم مقبولة ومستساغة، خبثهم شديد.
لاحظوا كيف يسيرون على هذه الطريقة حتى في فلسطين، الانتفاضة من يوم ما بدأت اثنين شهداء, ثلاثة، واحد, أربعة.. يومياً، يومياً وهكذا.. لا يأتي بعدد يثير الآخرين، ولا يتوقف، وهم يعرفون بأنه اثنين كل يوم ثلاثة كل يوم كم سيطلع في السنة؟ وكم وصل إلى حد الآن قتلى الانتفاضة داخل فلسطين كم؟ تقريباً أكثر من ثلاثة آلاف شخص.
لو جاءوا يضربوا ضربة يقتل فيها ثلاثمائة شخص أليس هذا سيزعج العالم؟ لكن لا.. حسنا هل انزعجنا يوم ما رأينا ثلاثة آلاف، رقم ثلاثة آلاف انزعجنا؟ لا.. لكن لو قتلوا ثلاثمائة شخص دفعة واحدة، ربما كان سننزعج ويحصل استنكار شديد اللهجة ويحصل مظاهرات وتحدث أشياء كثيرة.
إذاً فواحد على اثنين على ثلاثة يومياً وهكذا، وسيرون هؤلاء الناس الذين نروضهم على أن يقبلوا هذا التعامل سيرون في الأخير سيرون في الأخير أرقاما كبيرة ثم لا تثيرهم وهذا أفضل فنسمع عن إحصائيات ثلاثة آلاف قتيل وجرحى بالآلاف هل استثارنا خبر الإحصائيات هذه؟ لا.. طبيعي هكذا يعملون في كل شيء.
ومن هنا نعرف: كيف أن اقتراف الأمة لمعصية من هذا القبيل كالربا أن الأمة ستنال عقوبة من الله على ارتكابها، هذا هو وعيد وجانب من الوعيد في الدنيا.
يقول الله سبحانه وتعالى أيضاً:{أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}(البقرة: من الآية85) ألم يذكر هنا وعيداً في الدنيا وفي الآخرة؟ ما بال المرشدين دائماً لا يتحدثون عن الوعيد في الدنيا وهو جانب مهم في تخويف الإنسان من معصيته جانب مهم {قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى}(البقرة: من الآية120) أنت ذاهب ـ وأنت تريد أن تؤثر في نفسيات الناس ـ على منهاج هدي الله، تجد أن الله يخوفهم في الدنيا من عقوبات أعمالهم فخوفهم بها، واذكر لهم ماذا ستكون هذه العقوبات، وكيف ستكون، وعلى أي نحو ستكون؛ لأن الناس هكذا يخافون العاجلة أكثر مما يخافون الآجل، فسيدفعهم خوفهم من العاجل إلى أن لا يقعوا في العقوبة الآجلة، أليس هذا من رحمة الله؟ إذا خفنا عقوبات في الدنيا سيدفعنا خوفنا من العقوبات في الدنيا إلى أن نحذر من تلك المعاصي التي تؤدي إليها وبالتالي سنسلم العقوبة الشديدة في الآخرة وهي جهنم.
{فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ}(البقرة: من الآية85) يؤمن ببعض من الكتاب ويكفر ببعض، كما نحن المسلمون في واقعنا عليه، نأخذ الصلاة من الكتاب ونترك الجهاد! نأخذ الحج ونترك وحدة الكلمة! نأخذ جزءاً بسيطاً من داخل القرآن الكريم ونترك الجزء الأكبر! بل المجتهد هو همه من داخل القرآن خمسمائة آية على أكثر تقدير ويترك الآلاف من الآيات الأخرى لمجرد التعبد بتلاوتها!.{أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}(البقرة: من الآية85).
حسناً كيف هو الكفر ببعض؟ هل أن أهل الكتاب يقولون: إن نصف التوراة من الله، ونصفه الآخر ليس منه؟ لا.. يقولون: هي كلها من الله. أليس كذلك؟ نحن نقول أيضاً: القرآن كله من الله, ونحن في واقعنا نؤمن ببعض ونكفر ببعض.. ماذا يعني كفرنا بالبعض الآخر؟ إنه رفضنا، رفضنا له، ابتعادنا عن تطبيقه، نسياننا حتى عن تصنيفنا له بأنه جزء من ديننا, وأن عليه تتوقف نجاتنا.. هكذا نصبح في واقعنا كافرين ببعض وإن لم نكن ننكر أن هذا البعض هو من الله.
من الذي ينكر أن هذه الآية: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} هي من الله؟ هل أحد ينكرها؟ حتى ولا المرابون أنفسهم لا ينكرونها، لكن أليسوا عندما ينطلقون في التعامل بالربا كافرين ببعض الكتاب: رافضين، والرفض هو: كفر، هكذا يقول عن العقوبة في الدنيا:{فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}.
الخزي هل هو سهل؟ الخزي يجب أن يزعجنا كلمة:{خزي} يجب أن ينزعج الإنسان إذا ما سمع كلمة خزي في الدنيا، أوليس الناس قد يقاتل بعضهم بعض؛ لأن ذلك الشخص جاء على لسانه كلمة تمس عرضه، أو يكون الكلام الذي قاله فيه أو نسبه إليه يعني أن ينسب إليه مما يجعله يخزى فينفعل ويغضب ويقاتل.
الخزي شديد.. أوليس واقع هذه الأمة هو واقع خزي؟ من أين جاء هذا الخزي؟ هكذا؛ لأنه حصل إيمان ببعض الكتاب وكفر ببعض، والبعض الذي كفروا به, أو أصبحت الأمة في واقعها كافرة به هو الجزء المهم والأكثر أهمية..
أليست المساجد قد ملئت الدنيا؟ مساجد والمصلون يملئونها أفواجا، حتى المرابون يصلون أيضاً؟ نحن نصلي ونبني مساجد ونحن نطبع القرآن الكريم، ونعمل أعمالاً أخرى لكن هناك أعمالاً نتركها هي المهمة وهي المهمة التي لا تقبل الصلاة إلا بها ولا تعطي الصلاة ثمرتها إلا معها وبالتوجه إلى أدائها. فالخزي الذي الأمة فيه يعني ذلك أنه كان بسبب كفرهم ببعض الكتاب الذي تمثل بصورة رفض لأشياء مهمة جاءت في هذا الكتاب لم نتجه إليها.
إذاً فليس الخزي هو من الطبيعة التي جبلت عليها الدنيا من يوم خلقها الله، وإنما بسبب ما يحصل من جانبنا نحن من تقصير في أداء جوانب مهمة من هدي الله، ورفضنا في عملنا وفي واقعنا للعمل بأشياء كثيرة مما تضمنتها آيات الله في كتابه.
فإذا ما قيمنا وضعيتنا فوجدنا أن وضعية الأمة هي في حالة خزي.. من الذي يستطيع أن يقول أن الأمة ليست في حالة خزي؟ اسمع التلفزيون سترى كيف مواقف الخزي، كيف الكلمات المخزية تنطلق من الكبار، وكيف الوقوف المخزي يحصل ممن يجب عليهم أن يتحركوا في أوساط الأمة؛ لإنقاذها، ولتبيين كتاب الله لها انظر كيف هي المواقف المخزية للأمة بشكل عام أمام التهديدات التي تأتي من قبل أعدائها، انظر كيف السكوت المخزي أمام ما يحدث من ضربات في كل جوانبها، وداخل كل بقعة، انظر كيف الحياة المخزية أن يصبح عيشنا تحت رحمة أعدائنا، وقوتنا من تحت أيدي أعدائنا.. أليس هذا خزياً؟.