البرنامج اليومي (عندما تسير على النهج الذي رسمه الله لك تشعر بعظمة الله، وتسير في طريق التكامل نحو الله.).
برنامج رجال الله اليومي.
ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا صـ 5 ـ 6 .
السيد حسين بدر الدين الحوثي.
إبليس نفس الشيء تعرض لامتحان من هذا النوع، من هذا النوع، تجد أنه كان في صفوف الملائكة نحو من ستة آلاف سنة، يعبد الله سبحانه وتعالى، لكن حتى الملائكة أنفسهم يتعرضون إلى ابتلاء من هذا النوع، وحتى الأنبياء أنفسهم يتعرضون إلى ابتلاء من هذا النوع، الابتلاء الذي ينسف التعالي، ينسف التعالي، استسلام كامل لله سبحانه وتعالى، الله لما خلق آدم أمر الملائكة كلهم أجمعين بالسجود لآدم، الملائكة يحملون عقولاً كبيرة، ووعياً، وفهماً، ويعرفون معنى عبوديتهم لله سبحانه وتعالى، استجابوا، استجابوا، لم يقولوا هذا خلق من تراب ونحن خلقنا من نور، والنور أفضل من التراب، ولا يمكن، و..و..لا، إبليس وحده استكبر، استكبر، ورفض أن يسجد لآدم بعد أمر الله سبحانه وتعالى {إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} (صّ:74).
سقط في الامتحان أيضاً وكذب في ادعائه العبودية لله التي ضل عليها ستة آلاف سنة، فترة ليست قصيرة، ليست بسيطة، تفلسف لنفسه بما يعزز لديه الشعور بالتعالي، الاحتفاظ بشعور التعالي لديه! {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ}(الأعراف: من الآية12) لا يمكن، واقتنع بهذا المبرر!.
الإنسان نفسه قد يصل إلى هذه الحالة، قد تقف أمام تشريع إلهي، أو ابتلاء إلهي من هذا النوع، فتأتي لتتفلسف لنفسك، وتخترع مبرراً معيناً تكرره على ذهنيتك، وتقنع به اقتناعاً سطحياً؛ لتحتفظ بما، توجه الابتلاء الإلهي إلى ضربه.
[عندما تسير على النهج الذي رسمه الله سبحانه وتعالى لك فتشعر] بعظمة الله، أنت تسير في طريق التكامل نحو الله سبحانه وتعالى؛ لأنك عبَّدت نفسك لله، وكل ما يشرعه الله لك إنما هو من أجل تكريمك، حتى هذا الذي يبدو لك في الصورة وكأنه إذلال لك، إنه تكريم في النهاية، إنه تكريم في النتيجة، لكن العكس هو الذلة أن أتعالى، وأرفض، أقول: لا، {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} ماذا كانت النتيجة؟ ألم يُطرد إبليس؟ ألم يلعن؟ ألم يلعنه أولياؤه وأعداؤه من البشر؟ ويضل ملعوناً طريداً منذ أن ارتكب هذه المخالفة إلى يوم الدين، يذكر بشيطان رجيم، ملعون في الدنيا وفي الآخرة، هـل اعتـز إبليس؟ هـل بقيت له مشاعر العظمة؟ {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} أم أن الله نسف كل هذه العظمة، وألزم كل عبيده بلعنه وطرده من السماء {قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مَدْحُوراً}(الأعراف: من الآية18).
هكذا الابتلاء، نحن لا بد أن نسلِّم أنفسنا لله، عندما نقول: ربنا الله، ربنا الله، وفي نفس الوقت نستقم {ثُمَّ اسْتَقَامُوا}، ثم استقاموا، أن أقول: ربي الله بإقرار هو تسليمي، وتسليم، والتسليم، أو الشعور بالتسليم هي حالة نفسية، أنا من داخل من أعماق نفسي أقر بعبوديتي لله، وأسلِّم نفسي لله، وأقبل أيَّ تشريع من الله، سواء توافق مع مصالحي، أو خالفها، سواء توافق مع رغباتي، أو خالفها، سواء انسجم مع كبريائي، أو خالفها، أنا عبد لله، أسلِّم، هذا لا بد أن يكون منطلقاً من داخل مشاعرك، ثم تستقم {ثُمَّ اسْتَقَامُوا} (فصلت: من الآية30) الاستقامة على ما أمرك الله به، الاستقامة على ما تعبدك الله به، الاستقامة على النهج الذي رسمه الله سبحانه وتعالى لك.
الاستقامة قضية مهمة؛ لأنه في ميدان الابتلاءات يحصل اهتزازات عند تضارب الفتن، وتزاحم الأقوال، والآراء، والاختلافات، تحصل اهتزازات كثيرة للإنسان، كثير من الناس عندما يتعرض لابتلاءات يتخلى عن كل شيء، وينحرف عن خط الاستقامة، ينحرف عن خط الاستقامة، الاستقامة نفسها قضية مهمة، الله سبحانه وتعالى أمر رسوله(صلوات الله عليه وعلى آله) {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (هود:1121) استقم أنت يا محمد؛ ليقول لنا سبحانه وتعالى بأن كل شخص من عبيده يجب أن يستقيم كما أمر، وأنه لا يجوز له أن يطغى، إذا طغى سيعاقب، إذا طغى سيعذب سواء كان نبياً، سواء كان ابن نبي، سواء كانت زوجة نبي، سواء كان صاحب نبي، كائنا من كان، ليس هناك أحد فوق أن يكون مستقيماً لله.
محمد بن عبد الله (صلوات الله عليه وعلى آله) أفضل الأنبياء يقول الله له: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}(هود: من الآية113) يهدد محمداً(صلوات الله عليه وعلى آله).
نحن فيما بيننا نتأول أحيانا لبعض أشخاص؛ لأننا رُبِّيْنَا على توليهم، أو قالوا لنا: عظماء، ليست مشكلة إذا حصل مخالفة، ليست مشكلة منه. لا، يجب أن نحكم على الناس بحكم القرآن، وأن تكون نظرتنا إلى الناس جميعاً هي نظرة القرآن، أنه ما دام وقد أُمر محمد بأن يكون مستقيماً فلا بد أن يستقيم كل الناس، وأنه ما دام وقد هُدِّد محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) فيما إذا انحرف عن الاستقامة بأن يعذب، إذاً فكل الناس كائناً من كان، سواء كان صحابياً، أو من أهل بيت رسول الله، أو من عامة الناس، أو خاصتهم، ليس أحد فوق هذا الحكم إطلاقاً.
الاستقامة في هذه الدنيا على شرع الله، وعلى نهج الله، تحتاج إلى عدة عوامل حتى توفر لنفسك خط الاستقامة، أولاً: أن يكون قوي الصلة بالله سبحانه وتعالى، دائم الإلتجاء إلى الله في كل المواقف، في كل الابتلاءات، في كل حياتك، دائم الرجوع إلى الله، أن تطلب من الله سبحانه وتعالى أن يثبتك، أن يرزقك الصبر؛ لأن الاستقامة تحتاج إلى الصبر، الاستقامة تحتاج إلى الصبر؛ ولهذا جاء في الحديث الشريف: ((بأن موقع الصبر من الإيمان كموقع الرأس من الجسد، ولا خير في جسد لا رأس فيه))، أيضاً لا خير في إيمان لا صبر فيه.
الإلتجاء إلى الله سبحانه وتعالى، عندما تتأمل في كتاب الله كيف كان من وصفهم بأنهم عباده، وأولياؤه، دائمي الرجوع إليه، دائمي الدعاء له {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا}(البقرة: من الآية250) {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا}(آل عمران: من الآية8) في آخر سورة [البقرة] {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ}(البقرة: من الآية286) يا إلهي أنت تعلم أنني عبد ضعيف، أرجو منك أن لا تعرضني لابتلاء أهتز معه، وأنا حريص على نهج الاستقامة، {رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}(البقرة: من الآية286).
أول شيء الرجوع إلى الله، الإلتجاء إلى الله، والإنسان بحاجة إلى أن يكون دائم الدعاء لله في هذا المجال خاصة تدعو الله بالتوفيق، تدعو الله أن يرزقك الاستقامة، تدعو الله أن يرزقك الصبر؛ لأن كل أمورنا، وكل شؤوننا في هذه الدنيا كثير منها يعرضنا للإنحراف عن خط الاستقامة، كم يمر الإنسان في حياته بمواقف، وكم نرى من أناس كثيرين ينحرفون عن خط الاستقامة في كثير من مواقفهم، هذا أول شيء.
الشيء الثاني: أن تعلم أولاً ما هو النهج الذي يريد الله منك أن تستقيم عليه، يكون لديك معرفة طريق مَن أستقم عليه؟ مع من أستقم؟ تحت راية من أستظل؟ هذا الشيء لا بد منه، عقائد معينة أعرف أنها صحيحة، أستقم عليها، معاملات معينة أعلم بأنها صحيحة أستقم عليها، سلوك معين في هذه الحياة أعلم بأنه صحيح أستقم عليه، لا بد من المعرفة لخط الاستقامة، ولنهج الاستقامة حتى أسير على هذا النهج، ولا يبقى لي إلا أن أصبِّر نفسي عليه، أنا واثق منه، ولم يبق عندي إلا أن أرجع إلى الله أن يثبتني عليه.