أهميّة شهر رمضان في تصحيح التعامل مع القُـــرْآن الكريم. بقلم/ محمد الفرح.
| مقالات | 6 رمضان 1440هـ/ الثقافة القرآنية:- يحلُّ علينا شهرُ رمضانَ المبارك بأجوائه الإيْمَــانية والتي أراد اللهُ منها إعانة الإنْسَــان على ضغوط الحياة وأداء مسؤولياته، فيهديه ويروضه على الصبر؛ كي يزكي نفسه ويقيم واقعة على أساس القُـــرْآن الكريم.
وإن من أهمّ ما يجبُ علينا في هذا الشهر الكريم أن يكونَ منطلقاً لتصحيح تعاملنا وعلاقتنا مع الله ومع القُـــرْآن الكريم وَتحديث النظرة إليه وتجديد حبال الوصل بهدى الله وبناء علاقة حميمة معه علاقة تقديس وإجلال، علاقة تفهم والتزام، علاقة تمسك واتّباع، علاقة تسليم وثقة بتوجيهاته، علاقة تدبر وتذكر وتأثر؛ انطلاقاً من إيْمَــاننا بأنه الحَــلّ والمخرج؛ وانطلاقاً من قول الرسول صلوات الله عليه وعلى آله: (لا يصلح أمر آخر هذه الأُمَّــة إلّا بما صلح به أولها))، فالإجلال والتقديسُ لهدى الله في مضامينه وبيناته وهداه وثقافته القُـــرْآنية يعتبر مفتاحَ الانتفاع والاستبصار والتأثر به والتي بالتأكيد من لوازمها الهامّة تصحيحُ علاقتنا مع الله، فالقُـــرْآنُ الكريمُ هو مرتبطٌ بالله، والاهتداءُ به مرتبطٌ بالدعاء والاستغاثة والالتجاء إليه بأن يهديَنا بهداه، فالهدى ليس مفصولاً عن الله، والقُـــرْآن كتابٌ حيٌّ، وحيويتُه مرتبطةٌ بالحي القيوم، وتحتاج إلى أن تدعوَه؛ كي يتدخلَ ويهديك بما قد قرأت ((يهدي به الله)) ما لم فلن يعطيَك شيئاً جوهرياً دون هذا الارتباط الإيْمَــاني ودون التقوى والخشية ممن أنزله (إن تتقوا اللهَ يجعلْ لكم فُرقانا) (واتقوا الله ويعلمكم الله) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ) بهذا يزيدك الله هداية وبصيرة وثباتاً ومعنوية في الميدان ورؤية حكيمة ومواقف مسدّدة ويوفقك في كُـــلّ المنعطفات، فتتجاوز المخاطر والمنزلقات ويثبتك عند الابتلاءات ((وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ))، وبدون ذلك قد يسلبك اللهُ النصرَ ويسلبك المعية ويسلبك البصيرة والتوفيق وستزل قدمك مهما كانت شجاعتك وحِنكتك ((أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ))، وما أجمل ما قاله السيد القائد يحفظه الله (إذا فقد الإنْسَــان التقوى فقد الهداية) بالفعل سيفقدها في الإدارة وفي المترس سيفقدها في التصرف وفي السلوك سيفقدها في الرؤية وفي العمل سيفقدها في جميع مجالات الحياة.
إن التهاوُنَ بهدى الله والاستهانةَ بفاعليته وجدواه وعدم الالتفات إلى أهميته بصدقٍ لَهي القاصمةُ والطامة حقًّا، فعندما تنطلق سياسيًّا أَو عسكريًّا فرداً أَو كَبيراً في هذه الحياة وأنت بعيدٌ عن هدى الله فأنت فاشلٌ مقدماً وستفشل الأُمَّــة وتجني عليها وسيكون ضررُك أَكْثَــر من نفعك وستقدم أسوأ النماذج؛ لأَنَّ المسألة مسألة دين قبل أن تكونَ ديولة، وعبودية لله وليست هنجمة والمسألة مسألة سنن إلهية، مسألة كفر وجحود وتنكر لنعمة الهداية والهدى، وبالإمكان أن تستفسر ممن قبلك وتأخذ درساً من واقعهم تعرف أسباب ضرباتهم وتراجعهم وما هي أسبابُ العقوبات التي [فرمتتهم وأعادتهم ضبط المصنع] فبعد الهدى عادوا إلى الضلال وبعد العز عادوا إلى الذلة التي كانوا قد خرجوا منها ((سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ ۗ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ))، وهذا هو المخيفُ فِعْــلاً، وهو ما يدعونا إلى أن نتعامل مع هذا الهدى بشغفٍ وعشقٍ وتقديسٍ واستشعار لحاجتنا إليه باستمرار، وندعو الله أن يهديَنا به.