التواصي بالحق في القضايا الكبيرة والصغيرة.
بصائر من نور القيادة.
السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي.
المحاضرة الرمضانية الحادية عشر (سورة العصر) التواصي بالحق 11 رمضان 1441هـ.
التواصي بالحق عنوانٌ رئيسيٌ ومهمٌ في المسيرة الإيمانية، في طريق النجاة، وموقعه في تعليمات الله -سبحانه وتعالى- كعنوانٍ رئيسي بارزٌ جدًّا، ولذلك من لوازم النجاة، من لوازم الإيمان الصادق التواصي بالحق
والتواصي بالحق في القضايا الكبيرة والصغيرة، على مستوى القضايا الاجتماعية: نزاع بين قبيلة وأخرى، نزاع بين شخصٍ وآخر، إشكالات في الواقع الحياتي للناس، ويأتي في الواقع الكثير مثلاً من المواقف أو القضايا التي قد يتحرك فيها البعض بعيداً عن الحق.
نزاع بين قبيلةٍ وأخرى، يأتي البعض يحاول أن يتبنى موقفاً غير الحق، فيتعصب معه البعض، هذا أمر خطير جدًّا؛ حينها تبرز أهمية هذه المسؤولية، حينما يأتي البعض من المؤمنين، ممن يدركون أهمية التواصي بالحق، فيوصون بالحق، ويدعون إلى الحق، ويسعون إلى أن يتوجه الموقف نحو الالتزام بالحق، والتمسك بالحق، المطالبة بالحق، والاقتصار على الحق، إذا أصبح الحق هو المطلب للجميع ستحتل المشاكل بسهولة، ستحتل النزاعات بسهولة، عندما يصبح مطلباً للجميع في مجتمعاتنا الإسلامية.
على مستوى الأشخاص أو القضايا في الواقع المجتمعي، عندما يكون التذكير بالحق والتواصي بالحق في كل الأمور، في كبيرها وصغيرها، سيتجه الناس للالتزام بالحق الذي فيه نجاتهم وفوزهم وفلاحهم، وسيسلمون الخسارة الكبيرة جدًّا، وخسارات رهيبة، ما من موقفٍ باطل إلا ويترتب عليه خسارة، وخسارة خطيرة جدًّا؛ لأن الخسارة في الموقف الباطل ليست في الدنيا فحسب، وإنما تمتد إلى الآخرة، تمتد إلى المستقبل الأبدي، تمتد إلى الأمور المهمة والكبيرة، تخسر بها رضوان الله والجنة، تدخل بها النار والعياذ بالله، فهي مسألة في غاية الأهمية.
ثم إضافةً إلى جانب التذكير بالحق في المواقف المهمة والمسؤوليات الكبيرة، والتذكير بالحق في القضايا الصغيرة والكبيرة، التذكير بالحق على مستوى الالتزام العملي، التذكير بالحق على مستوى الالتزام العملي من أهم المسائل، والتواصي به في إطار الالتزام العملي، والناس يتحركون، والمؤمنون والمؤمنات يتحركون كأمة مؤمنة تعمل على إقامة الحق، وعلى التحرك للحق، وعلى أن تجسد في واقعها قول الله -سبحانه وتعالى-: {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ}[الأعراف: الآية181]، لا بدَّ من التواصي بالحق.
الإنسان قد يتحرك في هذا الإطار: في إطار أمة تسعى لأن تقيم الحق، وأن تهدي بالحق، وتهتدي به، وتعدل به، وتقيمه في واقع الحياة، في إطار المسيرة العملية يأتي الهوى، تأتي المؤثرات الكثيرة جدًّا التي تؤثر على الكثير من الناس: إما إمكانيات، إما سلطة، إما موقع، إما مسؤولية معينة، إما انفعالات وغضب، إما رغبات وشهوات، إما مخاوف… عوامل مؤثرة تؤثر على الإنسان، ففي أدائه العملي، وفي أداء مسؤولياته، قد يخرج عن الحق في موقفٍ معين، في تصرفٍ معين، في فعلٍ معين، في سلوكٍ معين، حينها هناك أهمية للتواصي بالحق، والتناصح بالحق، ولا يتحول الواقع إلى واقع مجاملات ومداهنات يسود فيه الانحراف، ويتعاظم فيه الانحراف، ولا أحد يتحدث مع أحد، ولا أحد يوصيه بالحق، لا بدَّ من التواصي بالحق والتنبيه عند ملاحظة بوادر انحراف، أو مؤشرات انحراف عن هذا الحق في قضيةٍ معينة، في موقفٍ معين، في سلوكٍ معين، في تصرفٍ معين، في تقصيرٍ معين، تقصيرٍ في مسؤولية مهمة، يأتي التواصي بالحق، ويجب أن تكون هذه حالة مقبولة، ومطلوبة وليس فقط مقبولة، مطلوبة، والإنسان المؤمن لن يأنف إذا ذُكِّر بالحق؛ لأنه من استثقل الحق أن يقال له، سيستثقله في العمل أكثر، كما يفيده كلام الإمام علي -عليه السلام-، من استثقل الحق أن يقال له وأن ينصح به؛ فبالتأكيد هو أبعد عن الالتزام به في الواقع العملي وهو أثقل عليه في الالتزام العملي، وهو أثقل عليه في الالتزام العملي.