مسؤولية إقامة القسط هي مسؤولية جماعية على الذين آمنوا.
بصائر من نور القيادة.
السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي.
المحاضرة الرمضانية الرابعة عشر 1441هـ.
مسؤولية إقامة القسط هي مسؤولية جماعية، وهي من المسؤوليات الرئيسية في الرسالة الإلهية، الله نزَّل الكتاب: والذي هو كتبه، اسم عام لكل كتبه، ومن الغاية الرئيسية لهذا الإنزال للكتب وللرسالة الإلهية هي: {لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}[الحديد: من الآية25]، من أهم الغايات لرسالة الله -سبحانه وتعالى-: العمل على إقامة القسط، كلما اتجهت الأمة وسعت لإقامة القسط بالقيام بالعدل، كلما تحرك الذين آمنوا ليكونوا قوَّامين بالقسط، تلقائياً ينكمش الظلم، وتلقائياً يزاح الظلم عن واقع الحياة، وتلقائياً تصلح حياة الناس بهذا العدل الذي يتحقق في الواقع؛ لأن العدل لا يمكن أن يقوم من ذات نفسه، لا بدَّ من إقامته
فمن عليه هذه المسؤولية لإقامته؟ الذين آمنوا، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}، هذا المجتمع المسلم الذي عليه أن يتعاون، أن تجتمع كلمته، أي مجتمع من المجتمعات الإسلامية يتعاون لإقامة القسط، فهو بقيامه بهذا الواجب العظيم، بهذه المسؤولية المهمة، هو في نفس الوقت يتصدى للظلم، يتخلص من الظلم، يبعد نفسه عن أن يكون مجتمعاً مظلوماً، ومساعداً على الظلم، ومشتركاً في جريمة الظلم، فهذه مسألة مهمة جدًّا؛ لأنه في واقع الأمة الإسلامية عطِّلت هذه المسؤوليات، أحياناً ساهمت فتاوى في تعطيلها، أحياناً ساهم التقديم الخاطئ للدين، والتقديم المنقوص للدين، ساهم في تعطيل هذه المسؤوليات حتى غابت من ذهنية الناس، الكثير منهم إذا تذكَّر الإسلام، لا يتذكر أنَّ منه هذا الجانب، ولا يتذكر أنَّ فيه هذه المسؤولية، وهو عنده تلك أركان الإسلام فحسب، وبعض التعليمات، وبعض الشرائع.