التواصي بالحق بطريقة صحيحة وبدافع إيماني.
بصائر من نور القيادة.
السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي.
المحاضرة الرمضانية الحادية عشرة (سورة العصر) 11 رمضان 1441هـ.
عملية التواصي بالحق لا بدَّ أن تكون بدافعٍ صحيح، بدافعٍ إيماني، وبطريقةٍ صحيحة، وبكيفيةٍ صحيحة، وفي جوٍ من المسؤولية والأخوة، لا تتوجه عملية التواصي بالحق إلى مناكفات إعلامية، لا تتحول عملية التواصي بالحق إلى تصفية حسابات شخصية؛ لأنك استأت من إنسانٍ معين لاعتبارات شخصية، أو اعتبارات أخرى، ثم قمت بالتصيد لأخطائه، بالتصيد لأدائه العملي، بالتصيد لجانب القصور لديه؛ لتوظفها سلباً في مهاجمته، في الانتقاد السلبي، هناك فرقٌ كبير بين الانتقاد البناء والتواصي بالحق، بكيفيته الصحيحة والمسؤولة، والتي يجب أن تكون في جوٍ من الأخوة والنصح الصادق، ومراعاة الكرامة والأخوة، وبين عملية التجريح والتهجم، واستغلال الأخطاء للتهجم بها والتشنيع بها، هذا ليس تواصياً، هذا يتحول إلى حالة حرب إعلامية، أو حرب بالمناكفات الإعلامية، أو تجريح أو تشويه… أو نحو ذلك، هذا ليس هو الأسلوب الصحيح.
البعض من الناس مثلاً قد يكون مفرطاً في المواقف الحق، في المواقف الكبيرة والمهمة، معرضاً بالكامل عن المسؤوليات الحق المهمة جدًّا، ثم يبقى في جوٍ من الفراغ يتصيد أخطاء الآخرين، ثم يأتي ليتكلم بكل شدة وبكل جرأة، قد يكون مطمئناً إليهم، قد يكون مطمئناً إلى أنهم سيحترمونه، أو يعتبرون له قدره أو منزلته، أو احترامه، ثم يكون جريئاً عليهم في الوقت الذي هو ذليل خانع جبان، أمام المواقف المهمة والمسؤوليات الكبيرة في مواجهة الأعداء الحقيقيين للأمة، تحول إلى أخرس، قلمه لا يكتب ولسانه لا ينطق، أبكم، ليس له موقفٌ مستمر، إذا كانت له مواقف في النادر، لكنه عملياً ليس في موقفٍ مستمر وفاعلٍ ونشطٍ وجاد ومسؤول في ذلك الحق المهم، في ذلك الموقف المهم، في تلك القضية الكبيرة.
فالتواصي بالحق ليس عبارة عن تصيدٍ للأخطاء من الجامدين المفرطين المهملين، أو الذين يشتغلون على تصفية الحسابات الشخصية، لا، إنما ينطلق من واقعٍ مسؤول، وبروحٍ أخوية، وبمسؤوليةٍ تامة، وبنصحٍ صادق، وبجد، وبدافعٍ إيمانيٍ خالص، هذا هو التواصي بالحق ممن يوصي وهو يتحرك، وهو ينطلق، وهو يلتزم، وهو جاد، مثل هذا يجب التفاهم معه، التقبل لنصحه، عندما يوصي بالحق فعلاً ليس هو غالط فيما يطرحه، أو مشتبه في قضية لا حقيقة لها، هنا تأتي عملية التواصي بالحق التي يجب أن تكون قائمة، ومن يغضب منها ويأنف منها ويستكبر منها؛ فهو مستكبر.