القرآن الكريم

البرنامج اليومي (عندما يذكِّرنا الله بنعمه في القرآن الكريم هو لننظر إليها أنها من مظاهر رحمته بنا)

برنامج رجال الله.

السيد حسين بدر الدين الحوثي.

معرفة الله عظمة الله الدرس السابع صـ 7 ـ 8.

عندما يذكِّرنا الله بنعمه في القرآن الكريم هو لننظر إليها أنها من مظاهر رحمته بنا.

بسم الله الرحمن الرحيم, بسم الله الرحمن الرحيم.. هذه الآية المهمة لمن يتأملها. ثم تأتي داخل السور نفسها تكرير للرحمن الرحيم {تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}(فصلت:2) {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (الفاتحة:2-3) وهكذا تتكرر.

لو نأتي إلى هذا الاسم الإلهي: {الرَّحِيمِ} ونتأمل مظاهر رحمته فينا لكفتنا هذه، لكفتنا خلي عنك, {عَلِيمٌ حَكِيمٌ خَبِيرٌ سَمِيعٌ بَصِيرٌ قَدِيرٌ} إلى آخر أسمائه الحسنى، رحيم وحدها, إسمه العظيم {رَّحِيمِ} لو نأتي لنتأمل معناه ونتلمّس مظاهره في حياتنا كلها، وفي تشريعه لنا لوجدنا أنفسنا, لوجدنا أنفسنا في حالة سيئة من الكفران بالله، من الظلم لأنفسنا، وسنرى أنفسنا كما قال الله: ظلوم كفار, ألم يصف الإنسان بهذا؟ {إِنَّ الْإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}(إبراهيم: من الآية34).

وعندما يذكِّرنا بنعمه في القرآن الكريم هو كذلك لننظر إليها من منظار أنها مظهر من مظاهر رحمته بنا أيضاً ألم تتكرر آيات كثيرة يذكرنا الله فيها بنعمته علينا؟.ألم تتكرر آيات كثيرة يقول لنا فيها: {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ}(النحل53) {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}(لقمان: من الآية20) {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا}(إبراهيم: من الآية34) فكون الأشياء كلها بالنسبة لنا نعمة منه أليس ذلك يعني أنها مظهر من مظاهر رحمته بنا؟. أليس يعني ذلك أنه رحيم سبحانه وتعالى بنا؟.

ثم نأتي إلى بقية الأسماء الحسنى التي أثنى الله سبحانه وتعالى بها على نفسه في هذه الآية؛ لننظر إليه سبحانه وتعالى نظرةَ مَن نفسُه ممتلئة بالشعور بعظمة الله. {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ}(الحشر: من الآية23) ألم يكرر نفس العبارة الأولى {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} هو الله, ثم يأتي بعدها بقية أسمائه الحسنى التي هي قائمة على هذا الإسم المبارك [الله] الذي لا إله إلا هو {الْمَلِكُ}الملك بـ (ألـ) التي تفيد الإختصاص أنه وحده الملك من له ملك السماوات والأرض من هو ملكنا إذاً فهو هو وحده من له حق التصرف فينا، هو وحده من يجب أن نرغب إليه، ونخاف منه؛ لأنه الملك القاهر علينا.

ثم تجد مُلكَه سبحانه وتعالى ليس كمُلكِ الآخرين من البشر مُلْك هيمنة، مُلك جبروت، ملك طغيان، أوامر جافة، نواهي جافة نفِّذ.. لا تكريم فيها ولا كرامة معها. أما الله عز وجْل فإن ملكه كله قائم من منطلق أنه رب العالمين، وهو رحيم ورحمن بهم، نفس المعنى الذي جاء في أول سورة الفاتحة: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}(الفاتحة:1-3) هو الذي ربوبيته تقوم على أساس رحمته، ربوبيته لعباده هي مظهر من مظاهر مُلكه, وتدبير من تدبير شؤون عباده الذين هو مَلِكُهم.

{هو الملك الْقُدُّوسُ} المُن‍َزَّه المُعَظّم، فأنت عندما تكون منقطعاً إليه, ملتجئاً إليه تجهر بأنه ربك, وأنه ملكك، وأنه إلهك، وأنه وليّك، فإنه هو من هو فخرٌ لك أن يكون إلهك, هو (قدُّوس)، هو من‍زّه، هو طاهر, هو معظّم، أنت لم تلجئ نفسك إلى طرف تستحي إذا ما أحد عرف أنه وليك أو أنه قدوتك أو أنه رئيسك أو أنه ملكك فتخزى، أما الله فإنه من يشرفك أنه إلهك أنه ربك وملكك، من تتشرف بأنك عبدٌ له.

ولهذه القضية أهميتها في السمو بالنفس حتى على مستوى القدوات من البشر، ألم نقل في مقام آخر أن من الفخر لنا، أن قدواتنا من أهل البيت، ليسوا من أولئك الملطخين بعار المخالفة للرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) الملطخين بالأخطاء والمساوئ، والمواقف السيئة، فنحن نتعب أنفسنا في الدفاع عنهم وفي تَنْمِيق مظهرهم.

قدواتنا من أهل البيت هم من أولئك المن‍زهين المطهرين الكاملين في أنفسهم، ممن يشرفنا أن نقتدي بهم. فأنت لا تخجل إذا ما قلت أن وليّك علي بن أبي طالب، عد إلى علي فتعرّف على علي تجد أنه بالشكل الذي يشرفك، بالشكل الذي يجعلك تفتخر بأنه إمامك، بأنك تتولاه.

ولكن انظر إلى الآخرين كيف يتعبون أنفسهم وهم دائماً يدافعون عمن يتولونهم، يحرفون معاني القرآن من أجلهم، يحرفون معاني كلام الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) من أجلهم, يعملون على أن يحولوا سيئاتهم إلى حسنات، يعملون على أن يقدموهم للأمة كأعلام. ولكن يكفينا شهادة على أنهم ليسوا ممن يمكن أن نفخر بهم إذا ما انتمينا إليهم أننا نجدكم أنتم تتعبون أنفسكم وأنتم تغطّون على خطيئاتهم، وعلى قصورهم ونقصهم.

الله سبحانه وتعالى {الْقُدُّوسُ} هو الذي تفتخر بعبوديتك له، وتفخر بقربك منه. أليس هناك في هذه الدنيا من يفخر بأنه مقرب من الرئيس أو مقرب من الملك؟ ويرى لنفسه مكانة عظيمة يتطاول بها علينا، أنه شخص له كلمته عند الرئيس أو عند الملك أو عند رئيس الوزراء أو عند الشيخ فلان، أليس هذا هو ما نراه؟ ومن هم هؤلاء؟ من هم هؤلاء البشر الضعاف الناقصين القاصرين المساكين!.

فإذا كنا نجد من يفخر بقربه منهم، من يفخر بتوليه لهم، من يفخر بطاعته إياهم، فلماذا نحن لا نفخر على الآخرين بأننا نعمل لنكون مقربين إلى الله؟! أن نبحث عن كيف نحصل على ما فيه مجد لنا، وعزة لنا، وفخر لنا هو أن نقرب من الله, وأن نعزِّز علاقتنا به، وأن نرسخ تولينا له؛ لأنه {الْقُدُّوسُ}.

{السَّلامُ الْمُؤْمِنُ} سلام لأوليائه، مؤمن لأوليائه، فكن من أوليائه سيرعاك ويحيطك بالسلامة بالأمن من الضلال، من الذل في هذه الدنيا، وهو من سيوصلك إلى دار السلام في الآخرة، ألم يصف جنـته بأنها دار السلام في الآخرة؟.

{الْمُهَيْمِنُ} على كل شيء, هو المهيمن على كل شيء، فكيف تخاف، وكيف ترهب ممن هم تحت هيمنته!!. إذا كان رئيس أمريكا هو من يهيمن على بقية الزعماء، وهو مَن هو؟! أليس هو مَن الله مهيمن عليه؟. فما هو إلا ذرة من ذرات هذا الكون الذي يهيمن الله عليه. أنظر كيف نـتعامل نحن: نخاف من شخص هناك من هو مهيمن عليه شخص آخر، وهذا الشخص الآخر هو مهيمن عليه شخص آخر، وهذا الكبير في الأخير هناك من هو مهيمن عليه, هو الله الواحد القهار، الذي يقول لنا في كتابه {هُوَ اللَّهُ}هو هو.

عبارة (هو) هي تناجيك في كل لحظة وأنت تبحث عن أن تـنصرف بذهنك إلى هذه الجهة أو إلى هذه الجهة، تقول لك: {هُوَ} وحده {اللَّهُ}.

Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com