المبادرة والمسارعة تجعل الناس في موقع القوة والانتصار
بصائر من نور القيادة.
السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي.
المحاضرة الثانية والعشرون من محاضرات رمضان للعام الهجري 1441هـ.
الله -سبحانه وتعالى- يأمرنا بالمسارعة: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ}[آل عمران: من الآية133]، {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}[الحديد: من الآية21]، روحية المسارعة، المبادرة، الحركة، العمل، يقدِّم لنا مشروعاً عملياً لا ننتظر فيه أن نمكِّن أعداءنا إلى النقطة الأخيرة، إلى آخر مستوى، وأن نبقى إلى آخر رمق، ثم نقول: [أننا سنتحرك فيما بعد]، يعلِّمنا كيف نتحرك ابتداءً، كيف نتحرك في كل المجالات، كيف نبني واقعنا لنكون أمةً كبيرةً قوةً تدفع الكثير من الأخطار قبل أن تصل، وتواجه التحديات قبل أن تستفحل تلك التحديات وتسحقها، بل كيف تكون في موقع القوة التي تتصدر منها لمواجهة الأحداث والأعداء والأخطار في موقع القوة والانتصار.
لا يقبل القرآن مثل هذه الحالات من التسويف، والإرجاء، والتنصل عن المسؤولية، والكسل، والفتور، والجمود، لا يقبلها القرآن الكريم، فإذا قرر الإنسان من واقع الاستهتار والرأي الشخصي أن يتصرف على هذا النحو: من التنصل والتهرب، قد يتهرب من أبسط الأعمال، أعمال بسيطة لكنها مهمة، لكنها مفيدة، لكنها نافعة، قد يتهرب من الحضور لاستماع محاضرة تنمِّي وعيه، وتساعد على ارتفاع مستوى الوعي لديه، قد يتهرب من الحضور في وقفة تعبِّر عن حضور، عن انتباه، عن استجابة، عن استعداد، قد يتهرب من إنفاق شيءٍ بسيطٍ في سبيل الله يدعم به الأمة في موقفها لمواجهة الأخطار والتحديات، قد يتهرب من كثيرٍ من الأعمال والتفاصيل التي هي أعمال حتى بسيطة في كثيرٍ منها، ولكنها ذات قيمة، وأهمية، وحيوية، وتجعل الناس في موقع الفعل والعمل والحركة، وليس في واقع الجمود، والركود، والخنوع، والاستسلام،