حركة النفاق المضادة داخل الساحة الإسلامية تروج للانحراف بشكل عام
بصائر من نور القيادة.
السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي.
كلمة جمعة رجب 1442هـ.
حركة النفاق المضادة داخل الساحة الإسلامية هي لا تقتصر على مجرد الانحراف عن خط الإيمان فحسب، هي تروج لهذا الانحراف، هي تتحرك باتجاه إبعاد الأمة والدفع بالأمة بعيداً عن تلك المبادئ الإيمانية، والقيم الإيمانية، والأخلاق الإيمانية، والتعليمات التي رسمها الله، والمسؤوليات الإيمانية، والمواقف الإيمانية، البعض مثلاً في الساحة الإسلامية كمسلم قد يعصي، قد ينحرف، وقد يتوب، قد يذكر فيتوب ويرجع إلى الله “سبحانه وتعالى”، لكن عندما يصل الحال بالإنسان أن يروّج للانحراف، أن يدعو إلى الانحراف، أن يدفع بالأمة باتجاه الانحراف: إما عن الإيمان في مبادئه وأخلاقه وقيمه، أو عن الإيمان في المسؤوليات والقيم، في المسؤوليات الإيمانية، في المواقف الإيمانية، في الولاء الإيماني، في الاتجاه الإيماني، في بناء مسيرة الحياة في شؤونها العامة والمختلفة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، على أساسٍ من هذا الإيمان، الانحراف عن هذا الاتجاه هو حركة يتحرك فيها المنافقون، ويسعون لذلك، ولذلك يقول الله “سبحانه وتعالى” في القرآن الكريم: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ}[التوبة: من الآية67]، لا يكفيهم أن يتجهوا في المنكر، لا يكفيهم أنهم يقعون على مستوى سلوكياتهم، تصرفاتهم، مواقفهم في المنكر، مواقفهم منكرة سيئة، انحرافاتهم في المواقف، في السلوكيات، في الأعمال، في… لا يكفيهم ذلك، إنما يأمرون {يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ}.
{وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ}، لا يكتفون بأن ينحرفوا عن المعروف، يكون عندهم: سواءً على المستوى الاقتصادي، السياسي، الاجتماعي، المواقف العامة، المسؤوليات الكبرى، أنهم ينحرفون عن المعروف في مواقفهم، أو تصرفاتهم، أو اتجاهاتهم، لكنهم ينهون، يصدون، يسعون لإبعاد الناس عن المعروف.
{وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ}، هم يبخلون، يبخلون عن الإنفاق حيث أمر الله به، عن الإنفاق حيث أمر الله أن ننفق، حيث أمرنا الله “سبحانه وتعالى” أن نعطي. {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ}، لا ينفقون في موارد الإنفاق ومجالات الإنفاق التي وجه إليها القرآن الكريم، ومشكلتهم هي النسيان لله في حساباتهم ودوافعهم العملية، وفي منطلقاتهم العملية، وفي توجهاتهم العملية، لم يحسبوا حساب الله، حساباتهم أخرى، اهتماماتهم أخرى.
{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (67) وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ}[التوبة: 67-68]، ينحرفون في الولاء، تبعيتهم في ولاءاتهم ومواقفهم لأعداء المسلمين، قال عنهم: {الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}[النساء: من الآية139]، حركتهم في الساحة الإسلامية فيها خداع، وقد تكون حتى تحت عناوين إيمانية، {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}[البقرة: 8-9]، يحكي عنهم أيضاً أنهم عندما ينصحون، عندما يُحذرون لا ينتصحون فيما يتجهون فيه من إفساد في الساحة الإسلامية: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ}[البقرة: 11-12]، فهم يعتبرون أنفسهم مصلحون وحزب إصلاح، ولكنهم كما قال عنهم: {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ}.
هذه الفئة تشكل خطورة في الساحة الإسلامية، وقلق كبير في الساحة الإسلامية، ومعارضة كبيرة للاتجاه الإيماني الصحيح، وهي تنشط: ثقافياً، فكرياً، إعلامياً، سياسياً، اجتماعياً، عسكرياً، أمنياً، سيما في هذا الزمن، حضور المنافقين في هذا الزمن في الساحة الإسلامية، نشاطهم الواسع، أصبحوا بشكل أنظمة، حكومات، كثيرٌ منهم، كيانات، كيانات النفاق حاضرة في الساحة الإسلامية تشتغل بكل معاول الهدم لتدمير الهوية الإيمانية للمجتمع الإسلامي،