ربيع الأنوار المحمدية. بقلم/ عبد الفتاح البنوس
| مقالات وكتابات | 6 الربيع الأول 1443هـ الثقافة القرآنية :
تندرج احتفالاتنا بالمولد النبوي الشريف ، مولد الرحمة المهداة للبشرية قاطبة في سياق الاستجابة والتنفيذ العملي للتوجيه الإلهي الرباني الصريح الذي تضمنته الآية القرآنية الكريمة (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ) ومن حقنا التعبير عن هذه الفرحة بكل الطرق والوسائل المتاحة ، فلا توجد مناسبة تستحق منا أن نحشد الطاقات ، ونسخر الوقت ، ونبذل الجهد ، استعدادا للاحتفال بها ؛ تضاهي المولد النبوي الشريف ، المناسبة التي لا مجال لتكييفها سياسيا ولا لتوظيفها إعلاميا لحساب هذا الطرف أو ذاك ، فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم هو الشخصية الجامعة للبشرية جمعاء ، ولا يختص بطائفة ولا جماعة والفضل كل الفضل لمن يحتفي بمولده ، ويجعلون من هذه المناسبة محطة ترانزيت يصححون من خلالها مسارهم ، ويجددون من خلالها الولاء لرسول الله والسير على خطاه ، يبتغون من ورائها الأجر والثواب
تهدر الدول والأنظمة العربية المليارات على تنظيم الاحتفالات والمهرجانات والمناسبات التي ما أنزل الله بها من سلطان ، شاهدنا ونشاهد حالة البذخ التي تصاحب احتفالات ما يسمى بأعياد الميلاد (الكريسمس ) وحجم الإنفاق المهول على تلكم الاحتفالات والتي تتباهى بها أنظمة العهر والعمالة والخيانة كما هو الحال في دبي والرياض وجدة ، ونشاهد الاحتفالات الخاصة بأعياد ميلاد الملوك والرؤساء والأمراء ، وذكرى تربعهم على العروش وتوليهم السلطة ، ونسمع عن مهرجانات سنوية وفعاليات شهرية تهدر عليها الأنظمة ملايين الدولارات كما هو حال تلكم المهرجانات التي تقيمها هيئة الترفيه السعودية وإمارة دبي الإماراتية ، وتمر هذه المهرجانات والفعاليات مرور الكرام على أدعياء العلم والمعرفة والأدب والثقافة الذين يصبون جام غضبهم على الاحتفال بالمولد النبوي ويوجهون نقدهم المسموم لمظاهر الاحتفال به تحت مبرر التبذير ، رغم أن التوجيهات الحكيمة للسيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي نصت على منع الجباية الإلزامية لهذه المناسبة وجعلها طوعية سدا للذرائع والمبررات الكاذبة التي كان المرتزقة وأسيادهم يتذرعون بها في سياق استهدافهم للمولد النبوي وتبديعهم لكل المحتفلين به .
وفي بلادنا نشاهد الكثير من أصحاب المال والأعمال والنافذين وهم يتسابقون على إقامة الأعراس لأولادهم والتي لا تخلو من الإسراف والتبذير والمباهاة ، فتجد الواحد منهم يدفع 6آلاف دولار لفنان غنائي لإحياء ليلة عرس ابنه ، ويتناقل الناس ذلك بأريحية وكأنها مسألة طبيعية ، ولكن الأمر يختلف عندما يتعلق الأمر بالاحتفال بالمولد يتفنن أولئك في التفلسف والقيل والقال والأخذ والرد والدخول في سجالات ومناكفات ومهاترات تحت يافطة (التبذير والإسراف ) في مغالطة مفضوحة، فالهدف من وراء ذلك هو استهداف المولد النبوي وثني الناس عن الاحتفال به ، تماشيا مع الفكر الوهابي السعودي المتطرف المشبع بالحقد والكراهية ،الفكر الذي يعاف ويعادي كل ما يربط الأمة بنبيها ، ويحيي ذكره في أوساطها ، وكل ما يشدها نحو التمسك بتعاليم دينها ، خدمة لأعداء الرسول والإسلام والمسلمين .
بالمختصر المفيد احتفالنا بالمولد النبوي إحياء لشعيرة من شعائر الله ، ومن الغباء والخذلان أن يقف البعض ضد إحيائها تحت عناوين وشعارات جوفاء خرقاء ، وإذا كان البخيل كل البخيل هو من يذكر عنده الرسول الأعظم صلوات ربي وسلامه عليه وآله ولم يصلى عليه ؛ فكيف بمن يحارب الاحتفال بمولده ويكفّر ويفّسق من يحتفل إرضاءً للشيطان وزبانيته.
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، ووالدينا ووالديكم، وعاشق النبي يصلي عليه وآله.