انعدام الثقة بالله هي التي ضربت المسلمين كباراً وصغاراً
برنامج رجال الله.
الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي.
معرفة الله عظمة الله الدرس السابع صـ 12 ـ 14.
{هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ} أليس في هذه الأسماء الحسنى – التي تتحدث عن كمال الله سبحانه وتعالى – أليس فيها ما يصنع الثقة في نفوس أولئك الذين ارْتَمَوا تحت أقدام أمريكا وإسرائيل؟ لماذا يعرضون عن الله وهم من يعترفون ويشهدون على أنفسهم بأنهم مسلمون، وأنهم مؤمنون بهذا القرآن الكريم؟.
هذه هي التي ضربت المسلمين كباراً وصغاراً (عدم الثقة بالله)، عدم الثقة بالله حتى فينا نحن الصغار نخاف من شخص هو مسكين بالنسبة للآخرين هناك من هو مهيمن عليه، والذي هو مهيمن عليه مسكين بالنسبة لذلك الأمريكي الذي في واشنطن الذي هو مهيمن عليه، والكل مساكين ومقهورين تحت جبروت الله وقهره.
اربط نفسك بالله رأساً, تجاوز كل هذه الأصنام في هذه الدنيا، وارتبط بالله رأساً، وثق به، وهو من سيجعلك قوياً أقوى مما يملكه هؤلاء من وسائل القوة في هذه الدنيا.
هو أيضاً {الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ} فأنت عندما تلتجئ إليه تقل: فعلا: [الله هو طيب، لكن نفسه سمحة وأعداءنا والله ما هو محاول يحرك ساكن معهم واحنا عارفين له، وإنما يريد أن نسير نمسِّح أكتافهم ونحاول نحسن أخلاقنا معهم لأنه مسكين سالك لطريقه لا يريد أن يتدخل في شيء]. هل الله هكذا؟. يمكن إذا قلنا: [يا خي فلان ممكن يعاونا؟ تقول: والله فعلاً هو رجّال جيْد لكن ما مِنَّه شيء سيمكنها ضحكة في الأخير.. نحن الآن معنا مشكلة مع ذولاك ونريد رجَّال يكون وجه بادي ورجَّال يستطيع أنه ينفع] أليس الناس يقولون هكذا؟.
الله في الوقت الذي يقول لنا: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ} أليست عبارات تبدو رقيقة؟ يقول لك: هو أيضاً في نفس الوقت إذا ما وثقت به وأنت في ميدان المواجهة والصراع مع أعدائك وأعدائه من يريدون ظلمك وقهرك واستذلالك هو {عَزِيز} يمكنك أن تمتنع به، هو (جَبَّار،مُتَكَبِّر) سيقهرهم، وسيجعلك أنت من تقهرهم {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ}(التوبة:14) ألم يقل هكذا؟.
هو يقول: سأجعلكم جبارين على أعدائكم، ومتكبرين على أعدائكم، فأنت عندما تثق بالله، ستثق بمن هو سلام لك وأمْنٌ لك في مقامات السلام معه، عزيز جبار متكبر سيمنحك من عزته وجبروته وكبريائه ما تقهر به أعداءك وأعداءه، ليس هناك نقص إطلاقاً في جانب الله عندما تثق به وتلتجئ إليه.
عندما تشعر بعظمته ليس فيه صفة واحدة كما هي في الناس، والتي نسمعها كثيراً من بعضنا بعض نقول فلان.. تقول: [فعلاً يا أخي فلان رجّال جيْد وباهر، وما يقصر لكن أمانه ما هو حق هذه المواقف] أليس الناس يقولون هكذا؟.
أما الله فهو من يكون لك في كل المواقف، ولك بأكثر مما يمكن أن تدرك, سيملأ قلوب الآخرين رعباً بالشكل الذي لا يمكن أن تصنعه وسائل إعلامك، ولا يمكن أن تصنعه أيضاً آليتك العسكرية. هو من نصر نبيه بالرُّعب بمسافة شهر، وكم كان الجيش الذي معه؟ هم أولئك الذين حُوصروا في المدينة عدد قليل, ونصره الله بالرعب، فكان بعض أعدائه من اليهود يخربون بيوتهم ويقطعون نخيلهم أحياناً، ويرحلون خوفاً قبل أن يجيّش الجيوش عليهم، وقبل أن يحاول أنه يشعرهم بأنه يريد أن يهاجمهم.
{الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} بعد هذه الأسماء الحسنى ترى غريباً جداً جداً أولئك الذين يلتجئون إلى غير الله سبحانه وتعالى ما أسوأ حالهم! ما أحط مكانتهم! وما أتعسهم!. وما ألأمهم!، عندما يلتجئون إلى غير الله، إلى صنم من الأخشاب أو صنم من الأحجار أو صنم من البشر؛ لأنهم يخافونه، ويرجون منه أشياء، والله قال لهم في هذه الآيات هو, هو كذا, كذا.. إلى آخره.. من يمكن أن ترجوه، من يمكن أن تعتمدوا عليه، من يجب أن تخافوه.
ولأنه ليس هناك في هذا العالم، ليس هناك في الوجود من يمكن أن يكون متصفاً بكمال الله سبحانه وتعالى، ولا بجزءٍ من كمال الله سبحانه وتعالى – إن صح التعبير – من الظلم لأنفسنا ومن الإساءة إلى الله ربنا الذي هو {الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ} من الإساءة البالغة إليه أن نجعل له شركاء فنمنحهم ولاءنا، ومنهم نخاف، وإليهم نرغب.
{سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} تنزيه لله عن أن يكون له شريك، تنزيه لله وتقديس له عن أن يكون له شريك في ملكه، شريك في كماله {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ}.
{هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}(الحشر:24) {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ} هو من قال لبني إسرائيل: {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً}(الإسراء:6) فعندما يقول الناس: نحن قليل الآخرون قد يستذلونا، قد يُقتل منا كذا، ونصبح قليل لا نستطيع أن نعمل شيئاً. الله هو الخالق، هو الذي يستطيع أن يمدكم بأموال وبنين، ألم يقل نوح لقومه هكذا؟ {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ}(نوح:10-12) إذا ما قتل ابني هذا وابني هذا هو من سيمدني بأبناء آخرين {يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً}.
هو الخالق, هو البارئ، كلمة {بَارِئ} تشبه معنى كلمة {خَالِق} فيما تعنيه أيضاً من الإبداع أو الابتداع، أو أنه فاطر ما خلقه.
{الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ} أن يخلق الشيء على نحوٍ معين، على كيفية معينة ويقال الذي برأ النّسَمَة، كما كان في قَسَم الإمام علي (والذي فلق الحبّة وبرأ النّسَمة) خلقها على كيفية معينة، فطرها هو وابتدعها هو بدون مثال سابق.
{لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} فهنا ذكر لنا مجموعة من أسمائه الحسنى، التي تعني ماذا؟ تعني كمالاً بالنسبة لله سبحانه وتعالى، ليس مجرد أسماء ألفاظ لا تعني شيئاً. الآن لو وضعنا لشخص منا خمسة أسماء هل يمكن أن تزيد في معانيه شيئاً فنسميه: أحمد ومحمد وقاسم وصالح ومسفر وجابر. هل لهذا زيادة فيه؟. لا. هل تعطي هذه الكلمات معاني بالنسبة لك؟ يعني شهادة بكمالك؟.
الله هنا عرض لنا مجموعة من أسمائه الحسنى التي هي حديث عن كماله، كماله المطلق في كل شيء، (عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر).
ثم قال لك أيضاً: له الأسماء الحسنى، عُد إليها في بقية الآيات والسور داخل القرآن الكريم وجمِّعها وستجد كم هي. أشبه شيء بإحالة لنا إلى ما ذكره من أسمائه في بقية السور والآيات الأخرى، ارجع إليها من هناك حكيم، حليم سميع، بصير إلى آخر أسمائه الحسنى، تلك الأسماء التي تشهد بكماله؛ لترى نفسك بأنه يمكن لك، بل يجب عليك، بل لا يجوز لك غير هذا هو أن تعتمد عليه، وأن تثق به، وأن تستشعر عظمته سبحانه وتعالى.
استشعار عظمة الله في نفوسنا, أن تملأ عظمته نفوسنا، قضية مهمة، قضية مهمة، ولا شيء يمكن أن يمنحنا هذا الشعور سوى القرآن الكريم فيما يعرضه من أسماء الله الحسنى، ومعانيها، وما فيها من شهادة بكمال الله سبحانه وتعالى.
{اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} هذه آية الكرسي – تحدثنا عنها في درس سابق – هي في نفس هذا المسار يمكن أن نتحدث عنها في مجال خلق شعور بعظمة الله سبحانه وتعالى، وثناء عليه، وشهادة بكماله، وكل أسمائه الحسنى، هي مفردات تعبر عن كماله المطلق سبحانه وتعالى هو العلي العظيم.