الله يريد من هذه الأمة أن تكون على أعلى درجة من الوعي واليقظة
بصائر من نور القيادة.
السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي.
كلمة بمناسبة ذكرى انطلاقة الصرخة في وجه المستكبرين 22 شوال 1442هـ.
المسؤولية التي يربينا عليها القرآن، هي مسؤولية مهمة، هي تجعل الأمة في موقعٍ متقدم في التصدي للأخطار التي تستهدفها، في مواجهة التحديات، في مواجهة الأعداء الذين يستهدفونها، والذين تشكِّل حالة الاستسلام والجمود والتنصل عن المسؤولية حالةً خطيرةً، تمكِّنهم من الإضرار بهذه الأمة على نحوٍ بليغٍ وخطيرٍ جداً، إن الله “سبحانه وتعالى” قدَّم لنا درساً عجيباً في القرآن في التصدي لخطر أعدائنا من اليهود، أتى في سورة البقرة قول الله “سبحانه وتعالى”: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104) مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ}[البقرة: 104-105]، الله “سبحانه وتعالى” في الآية المباركة يأمر المسلمين أن يقاطعوا كلمة (مفردة) من المفردات العربية: {لَا تَقُولُوا رَاعِنَا}، وأن يستبدلوها بمفردة أخرى، في مورد استخدامها الذي كانوا يستخدمونها لأجله: {وَقُولُوا انْظُرْنَا}، ثم يؤكد على الالتزام بذلك بشدة: {وَاسْمَعُوا}، ثم بالمزيد من الوعيد والتهديد: {وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
الأمة التي يريد الله لها أن تكون على أعلى درجة من اليقظة، والوعي، والاستشعار للمسؤولية، والاهتمام بكل خطوة عملية مهمة، في التصدي لمؤامرات الأعداء، عليها أن تستوعب هذه التربية، أن تتفاعل إيجابياً مع هذه التريبة القرآنية، أمر الله المسلمين أن يقاطعوا مفردة لماذا؟ لأن الأعداء كانوا يستغلون استعمال العرب لهذه المفردة، لمصداق معين، العرب كانوا يستخدمونها لمصداق معين، لمعنى معين، فكان اليهود المعادون لرسول الله “صلوات الله عليه وعلى آله” يستخدمونها لمدلول آخر مسيء، مسيء إلى النبي “صلوات الله عليه وعلى آله”، وهذا المدلول مخفيٌ في أعماق أنفسهم، مخفيٌ في أعماق أنفسهم، ولكنهم يتسترون بالاستخدام من جانب العرب، من جانب المسلمين لتلك المفردة، ولو أنهم يستخدمونها لمدلول آخر، ولأجل هذا الاستخدام الذي استغلوه لمعنى في أنفسهم، ليس ضرره في الساحة ضرراً مباشراً: قتلاً للأمة، أو تدميراً لمقتنياتها، وممتلكاتها، وسيطرةً عليها، لا، إنما معنىً في أعماق أنفسهم، القرآن لا يسمح بأن يستفيد العدو حتى بمجرد معنى في نفسه، فيأتي ليحسم هذه المسألة بشكلٍ صارمٍ وحازمٍ ونهائي، ويلغي استخدام هذه المفردة: {لَا تَقُولُوا رَاعِنَا}، ويأتي ببديلٍ لها: {وَقُولُوا انْظُرْنَا}؛ ليرقى بالأمة على ألَّا تسمح لعدوها هذا أن يستفيد في واقعه حتى من ثغرة واحدة