الاهتمام بأمور الناس بشكل عام هو المعنى الحقيقي للمسؤولية في الإسلام
بصائر من نور القيادة.
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي.
الدرس الثالث من محاضرات دروس عهد الإمام علي لـ مالك الأشتر.
في التدبير لشؤون العمل، وأمور الناس، وفي برامج العمل، وسياسات العمل، وخطط العمل، يجب أن يكون ذلك مبنياً على أساس الاهتمام العام، الاهتمام بالناس بشكلٍ عام، بحسب مسؤوليتك، وبمستوى مسؤوليتك، هذا شيءٌ مهم، لا تتوجه كل اهتماماتك إلى فئة محدودة من الناس، وتترك البقية، فئة محدودة من الناس، مثلاً: من تربطك بهم علاقة خاصة، وصداقة خاصة، فيتوجه كل اهتمامك نحوهم، وتتنصل عن الباقين، تترك الآخرين، ممن هم في نطاق مسؤوليتك، ولا تلتفت إليهم.
أو فئة من أبناء المجتمع، تتصور أنهم هم الأهم، مثلاً: ينحصر كل اهتمامك نحو كبار المجتمع، الوجهاء مثلاً من المجتمع، فيتوجه كل اهتمامك نحوهم، كل دعمك لهم، كل ما تقدِّمه إليهم، وتترك بقية المجتمع، بقية الناس في نطاق مسؤوليتك.
لو اتجه الإنسان على هذا الأساس: أن يكون له أشخاص فقط محدودين يهتم بهم، يوجِّه كل اهتمامه نحوهم، ويترك البقية، فهي سياسة خاطئة وفاشلة، وهي أيضاً من الحيف، من الجور؛ لأن الإنسان- وبحسب مسؤوليته، وبمستوى مسؤوليته- يجب أن يعمل بشكلٍ عام، أن يتوجه اهتمامه في خططه العملية، في تدبيره العملي، في اهتماماته الواسعة بشكلٍ عام، بقدر الاستطاعة والإمكان، وهذا يدخل في كل مجالات العمل،
مثلاً: الاهتمامات الثقافية، مثلاً: الاهتمامات الخدمية، مثلاً: الاهتمامات فيما يتعلق بالإحسان، بحلِّ مشاكل الناس، بالاهتمام بشؤونهم وأمورهم، وبحسب المسؤولية ومستواها، أن يكون هناك توجه عام، واهتمام عام، ولكن مع مراعاة الحق؛ لأن كل سياساتك وتدبيرك وتصرفاتك من موقع المسؤولية، يجب أن تعتمد فيها على الحق، ألَّا تتجاوز الحق من أجل استرضاء الناس، وأن تلحظ ((أَعَمُّهَا فِي الْعَدْلِ))، يعني: ما يعم الناس، ولكن مع مراعاة العدل، كلما عمَّ، وكلما كان أجمع، كلما كان على مستوى أوسع، يصل إلى نطاقٍ واسعٍ من الناس، فهو أهم، ((أَجْمَعُهَا لِرِضَى الرَّعِيَّةِ))؛ لأن رضاهم مهمٌ جداً، ولكن في إطار الحق، والعدل، والرحمة، وإطار هذه القيم المهمة، بما لا يتجاوز الإنسان شيئاً منها.