كلمة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي بمناسبة يوم الولاية 1444هـ – 2023م
| خطابات السيد القائد | 18 ذو الحجة 1444هـ الثقافة القرآنية:
كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي بمناسبة يوم الولاية 1444هـ – 2023م
الخميس 18 ذو الحجة 1444هـ 6 يوليو 2023م
أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
الَّلهُمَّ اهْدِنَا، وَتَقَبَّل مِنَّا، إنَّكَ أنتَ السَّمِيعُ العَلِيم، وَتُبْ عَليَنَا، إنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيم.
أَيُّهَــــا الإِخْــــوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّــلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَــةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُــه؛؛؛
في هذا اليوم المبارك الأغر وبالمناسبة العظيمة المباركة مناسبة ذكرى يوم الغدير، أتوجهُ إلى شعبنا اليمني المسلم العزيز، وإلى المؤمنين، والمؤمنات، في كافة أرجاء الدنيا بأطيب التهاني والتبريكات، وشعبنا العزيز خرج في هذا اليوم محتفلًا به، ومبتهجًا به مستمرًا على ذلك كما هي عادته سنويًا، وهو الذي أحيا هذه المناسبة كجزٍء من موروثه الإيماني، وهو يمن الإيمان والحكمة، كما ورد في النص النبوي الشريف، فأحيا هذه المناسبة كما أحياها على مدى قرون من الزمن وتوارثها جيلًا بعد جيل، إحياء يوم الولاية والاحتفال به: هو شكر لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، فمن الشكر لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، أن نُقِر بنعمته “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وهو الذي قال “جَلَّ شَأنُهُ”، عن هذه المناسبة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}[المائدة: من الآية 3].
كما أن الإحياء لهذه المناسبة هو أيضًا شهادةٌ لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ولرسوله “صَلَوَاتُ ﷲ عَلَيهِ وَعَلَى آلة”، بإقامة الحجة، وبكمال الدين شهادةٌ للنبي “صَلَوَاتُ ﷲ وَسَلَامُهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ”، بالبلاغ التاريخي العظيم، ذلك البلاغ المهم الذي نزل بشأنه قول ﷲ -تبارك وتعالى-: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}[المائدة: 67]، فإحياء هذه المناسبة هو شهادة للنبي “صَلَوَاتُ ﷲ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ”، أنه بلَّغ ذلك البلاغ الذي أمره ﷲ بالإبلاغ به في هذه الآية المباركة بكل ما يمثله من أهمية كبيرة، دل عليها قوله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}، الرسول “صَلَوَاتُ ﷲ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ”، بلَّغ ذلك البلاغ بقدر ما يمثله من أهمية، ونحن عندما نحيي هذه المناسبة نذكّر أنفسنا ونذكّر الأمة من حولنا بذلك البلاغ.
فإحياء هذه المناسبة هو تذكيرٌ مستمرٌ، بذلك البلاغ ليبقى صداه وليصل محتواه إلى الأمة عبر الأجيال لأنه موضوعٌ يعنيها في كل جيلٍ وعصر وليس فقط يخص الجيل المعاصر لرسول ﷲ “صَلَوَاتُ ﷲ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ” لوحده، فما هو ذلك البلاغ الذي له كل هذه الأهمية إلى درجة أن رسول ﷲ “صَلَوَاتُ ﷲ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ”، لو لم يبلغه فكأنه لم يبلغ الرسالة الإلهية بكلها، هذا يدل على أن له علاقة بحيوية الدين، واستمرارية الدين، في واقع الأمة عبر الأجيال، في العام العاشر للهجرة النبوية أتت إلى النبي “صَلَوَاتُ ﷲ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ”، الدلائل وأتى الإشعار له، بقرب رحيله من هذه الدنيا، واقتراب أجله، بكل لما لذلك من تأثير في واقع الناس، وما يتركه من فراغ في واقع الأمة، وتأثير على مستقبل الأمة لما للنبي “صَلَوَاتُ ﷲ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ”، من دورٍ أساسيٍ في قيادة الأمة، وهداية الأمة، وهو الذي يصلها بوحي الله، بتعليمات الله، بهداية الله، وهو الذي بنى هذه الأمة من نقطة الصفر، وهو الذي أتى بنور ﷲ وهديه، وعمل على إخراج الناس من الظلمات إلى النور فكان ذلك يعتبر مهمًا ومؤثرًا جدًّا فيما يتعلق بمستقبل الأمة، ما هي الترتيبات التي ستحافظ على إمتداد هذا الدين؟، وهذا النور، وهذا الحق في مستقبل الأمة، وما الذي سيعالج إلى حدٍ ما، ذلك الفراغ الذي سيعقب رحيل رسول ﷲ “صَلَوَاتُ ﷲ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ”، من هذه الدنيا؟.
اتجه النبي “صَلَوَاتُ ﷲ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ “، بهدايةٍ وأمرٍ من “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، في ترتيباتٍ مهمةٍ جدًّا لمستقبل الأمة، ولتقديم ما يمثل ضمانةً لحمايتها من الضلال، والزيغ، والانحراف، إن تمسكت بتلك الترتيبات وبما قدمه لها من ضمانات، وأستنفر الأمة لأكبر اجتماعٍ ودعاها لحجة الوداع، وسعى لاستنفار المسلمين من مختلف البلدان للمشاركة في حجة الوداع، وأشعرهم بأهميتها، وأرسل إليهم الرسل الذين يدعونهم إلى أن يشاركوا في حجة الوداع، وأثناء حجة الوداع بيَّن لهم أهمية ما يقدمه لهم لمستقبلهم، وأشعرهم بقرب رحيله من هذه الحياة الدنيا، وقال لهم في خطبة عرفات ضمن ما حدثهم به، ووجههم إليه، ونبههم إليه، ((ولعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا))، بعد أداء فريضة الحج، وأثناء عودة النبي والمسلمين، وقبل مفترق طرق الحجاج، في منطقة الجحفة، وهي منطقة قريبة من مكة، قبل مفترق طرق الحجاج إلى مختلف البلدان وعندما وصل النبي “صَلَوَاتُ ﷲ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ”، إلى خم في تلك المنطقة نفسها، نزل عليه قول ﷲ تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}[المائدة: 67]، هذه الآية المباركة التي تفيد الأهمية القصوى لذلك البلاغ، الذي أمره ﷲ بتبليغه، وأهميته فيما يتعلق بمستقبل هذه الأمة في دينها، وفي رسالة ربها، {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}.
كما تفيد أيضًا حساسية هذا الموضوع، الذي تضمنه ذلك البلاغ، حساسيته لدى الناس أنه موضوع محط تركيز، وحساسية، وعُقد، وأطماع، وغير ذلك، ولهذا قال: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}[المائدة: من الآية 67]، حيث كان من المتوقع أن تحصل ردود أفعال تؤثر سلبًا في واقع الأمة الإسلامية، وتهز الساحة الإسلامية من الداخل، نظرًا لحساسيه ذلك الأمر، فأتى من ﷲ الطمّأنه وأتى التدخل الإلهي الذي يمّكن الرسول “صَلَوَاتُ ﷲ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ”، من إقامة الحجة لله على عباده، ومن الإبلاغ لذلك البلاغ المهم مع ضمان عدم ردود فعل مباشرة في ذلك المقام وفي ذلك الظرف، بعد نزول الآية المباركة بهذا التعبير الذي يدل على أهمية الموضوع.
تعامل رسول ﷲ “صَلَوَاتُ ﷲ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ”، مع هذا الأمر الإلهي بمستوى أهميته، فيما عمله من إجراءات، وما قام به من ترتيبات مهمة لتقديم ذلك البلاغ، فعقد اجتماعًا طارئًا استثنائيًا، وأوقف الحجيج بكلهم، وأمر الذين قد تقدموا أن يعودوا وانتظر للمتأخرين حتى لحقوا، وكان الوقت ما قبل الظهيرة، في وقت حرارة الشمس اللاهبة، وأمر بتهيئة مكان الاجتماع، وسعى إلى إعداد منبرٍ تحت شجراتٍ هناك أمر بأن يُقمَم تحتهن من الشوك، وأن تجمع أقتاب الإبل، وأن ترص حتى تكون منبرًا مرتفعًا يشاهده الجميع عندما يصعد فوقه، وتم إعداد ذلك المنبر ودخل وقت صلاة الظهر فصلى رسول ﷲ “صَلَوَاتُ ﷲ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ”، بالناس صلاة الظهر، وبعد أن أتم الصلاة، التفت إليهم وقام يخاطبهم فقال: ((أيها الناس أن ﷲ أمرني بأمرٍ فقال: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}[المائدة: 67]))، ونادى عليًا “عَلَيهِ السَّلَامُ”، وأخذ بيده معه، وأصعده معه على أقتاب الإبل، ثم خطب رسول ﷲ “صَلَوَاتُ ﷲ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ”، وفي سياق خطابه بيّن للناس قرب رحيله من هذه الحياة الدنيا، وقال في ذلك الخطاب: ((إني أوشك أن أدعى فأجيب))، يعني أنا على وشك الرحيل من هذه الحياة الدنيا، أن تأتيني دعوة الله، والالتحاق بالرفيق الأعلى.
((وإني مسؤول وأنكم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون)) قالوا نشهد أنك قد بلغت وجاهدت ونصحت فقال: ((أليس تشهدون ألَّا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن جنته حق، وناره حق، وأن الموت حق، وأن البعث حقٌ بعد الموت، وأن الساعة آتيةٌ لا ريب فيها، وأن ﷲ يبعث من في القبور، وتؤمنون بالكتاب كله)) فقالوا بلى ((يا أيها الناس، إن ﷲ مولاي، وأنا مولى المؤمنين، أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه، فهذا عليٌّ))، وأخذ بيد علي “عَلَيهِ السَّلَامُ”، ورفع يدهُ مع يده، ((فهذا علي مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، وأخذل من خذله))، ثم قال: ((يا أيها الناس إني فرطكم، وإنكم واردون علي الحوض)) يعني أنا سأتقدمكم يوم القيامة وأكون قبلكم هناك على الحوض وتأتون إلي في المحشر، ((إني فرطكم وأنكم واردون علي الحوض، وإني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، الثقل الأكبر كتاب ﷲ عز وجل، سببً طرفه بيد الله، وطرفه بأيديكم، فاستمسكوا به لا تضلوا، ولا تبدلوا، وعترتي أهل بيتي، فإنه قد نبأني اللطيف الخبير، إنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض، ثم قال: ألا هل بلغت؟ فقالوا: اللهم بلى، فكرر ذلك، وكرروا الإجابة كذلك، فقال: ألا فليُبلِغ الشاهد منكم الغائب))، ثم نزل قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}[المائدة: 3].
فكان هذا الإعلان هو البلاغ الذي أمره ﷲ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، بإبلاغه مع ما يتضمنه، أو مع ما دلت عليه الآية من أهميته، مبدأ الولاية في الإسلام هو مبدأ عظيمًا ومهمًا وأساسيًا، وهو يمثل ضمانة لاستقامة مسيرة الدين، وحيويته وفاعليته، والحفاظ على الأمة من الاختراق، وهذا يتضح من خلال الآية المباركة عندما قال ﷲ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}، ويتضح أيضًا من نص البلاغ النبوي ومن طريقة النبي “صَلَوَاتُ ﷲ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ”، في تقديمه وإعلانه، كانت كل الإجراءات والترتيبات تدل على الأهمية البالغة للموضوع في مستقبل الأمة وفي الحفاظ على دينها، كما أيضًا تدل عليه الآيات المباركة من سورة المائدة التي تضمنت موضوع الولاية وقدمته كذلك بشكل مهم جدًّا، قال ﷲ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}[المائدة: 54]، وهي تحدثت كذلك عن ولاية أمير المؤمنين علي “عَلَيهِ السَّلَامُ”، وهذه الأوصاف المتعلقة به في قوله “جَلَّ شَأنُهُ”: {وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}[المائدة: 54-55].
نجد في نص البلاغ النبوي عندما قال رسول ﷲ “صَلَوَاتُ ﷲ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ”: ((أن ﷲ مولاي وأنا مولى المؤمنين أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه))، ونجد في الآية المباركة “: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا}، يتضح لنا أن ولاية أمير المؤمنين “عَلَيهِ السَّلَامُ”، هي امتداد لولاية رسول ﷲ “صَلَوَاتُ ﷲ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ”، ((فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه))، وهذا يبين لنا مدى أهميتها، مدى أهميتها، لأنها ليست منفصلة عن ولاية رسول ﷲ “صَلَوَاتُ ﷲ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ”، حتى يتهيأ لك أن تتولى رسول ﷲ بشكل تام دون أن تتولى أمير المؤمنين “عَلَيهِ السَّلَامُ”، وترفض ولاية أمير المؤمنين بينما تبقى على صلة تامة بولاية رسول الله.
يتضح من النص النبوي ومن الآية المباركة أن الذي يصلك بولاية رسول ﷲ “صَلَوَاتُ ﷲ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ”، فتسير على نهجه وتتأسى به، وتتحرك وفق ما كان عليه، الذي يصلُك بذلك هو أمير المؤمنين “عَلَيهِ السَّلَامُ”، ولايته امتدادٌ لولاية رسول الله، وتحقق لك التولي الصحيح لرسول ﷲ “صَلَوَاتُ ﷲ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ”، وهذا ربطٌ واضحٌ في النص النبوي ((فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه))، وفي الآية المباركة، {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا}، ولاية رسول ﷲ “صَلَوَاتُ ﷲ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ”، تصلنا بولاية ﷲ تعالى لعباده المؤمنين، فالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، هو الولي لعباده، ومدبر شؤون هذا الكون، والمالك له، المالك لما في السماوات وما في الأرض، المالك لهذا العالم وكل ما فيه، وولايته التكوينية هي محل اعتراف حتى عند الكافرين، الكافرون يعترفون بها، لكن فيما يتعلق بولاية ﷲ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ولاية الهداية، ولاية التشريع، ولاية الأمر والنهي، الولاية التي يترتب عليها أيضًا رعايته بالتأييد، والنصر، والرحمة، وغير ذلك مما وعد به عباده المؤمنين، فهذه الولاية هي التي يَكفُر بها الكافرون، يتهرب منها الكافرون، ويرتبطون بديلاً عنها بولاية الطاغوت، كما هو حال المنافقين أيضًا.
رسول ﷲ “صَلَوَاتُ ﷲ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ”، تصلنا ولايته والتولي له بولاية ﷲ تعالى لعباده المؤمنين، ولاية الهداية، والتشريع، والأمر، والنهي، والرعاية، والنصر، والتأييد، الولاية التي نبني عليها مسيرة حياتنا، فيما نلتزم به، فيما نعمل به، في الاتجاه الذي نرتبط من خلاله بتوجيهات ﷲ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وتعليماته “جَلَّ شَأنُهُ”، وهذا هو الذي ارتبط به المؤمنون، وتحرروا من خلال هذه الولاية من ولاية الطاغوت، وتميزوا بذلك عن غيرهم من الناس، ﷲ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، قال في القرآن الكريم: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[البقرة: 256]، فالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ولي الذين آمنوا هذه هي ولاية الهداية والتشريع، والأمر والنهي والتوجيه التي يعتمدون عليها في مسيرة حياتهم، وبذلك يحظون برعايته المميزة، رعاية النصر، رعاية التوفيق، رعاية التأييد، رعاية الرحمة الواسعة، والرعاية الواسعة، يخرجهم بهدايته، والهداة من عباده بمنهجه، وتعليماته التي ارتبطوا بها، وتحركوا على أساسها في حياتهم، يخرجهم من الظلمات إلى النور.
أما واقع الآخرين من الكافرين، والمنافقين، والجاحدين لهذه الولاية الإلهية، فهم يرتبطون بالطاغوت، وبولاية الطاغوت، ويعتمدون عليها، هم يقرّون بالولاية التكوينية لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، أنه الخالق للسماوات والأرض، أنه الرازق للعباد، أنه الذي يحيي ويميت إلى غير ذلك، مما يتصل بولايته التكوينية، ولكنهم فيما يتعلق بولايته “جَلَّ شَأنُهُ”، التي تحدثنا عنها ولاية تتصل بشؤون حياتنا، في الأمر، والنهي، والتشريع، والهداية، والتوجيه، إلى غير ذلك، مما يتصل بمسيرة حياتنا هم يكفرون بذلك، يقول ﷲ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وهو يبين اعترافهم فيما يتعلق بولايته التكوينية: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}[لقمان: من الآية 25] ، فهم يعترفون بأن ﷲ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، هو خالق السماوات والأرض، يقول ﷲ “جَلَّ شَأنُهُ”: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ}[يونس: 31] ، فواقع الكافرين، وواقع المنافقين، هو أنهم اعترفوا فقط بالولاية التكوينية، وقد يعترف المنافقون إلى حد معين بالولاية التشريعية، ثم يتجهون إلى التحريف لها، وإلى التزييف لمفاهيمها.
من أبرز ما فارق به الطاغوت وحارب به ولاية ﷲ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في شؤون عباده، في الأمر، والنهي، والتوجيه، التشريع، والهداية، أنه يرفض قيادة الأنبياء والإتباع العملي لهم، هو يسعى إلى فصل الناس عن مسألة الإتباع للأنبياء، وعن مسألة الاقتداء بهم، والإيمان بقيادتهم، ويحارب ويرفض من هم امتداد للأنبياء، ويسيرون بالناس على منهجهم، وبسيرتهم واتجاههم، فالطاغوت يحاربهم، محاربة شديدة، ويسعى لفصل الناس، عن هذه الولاية في هذا الامتداد لها، فالطاغوت له برنامجهُ التخريبي، والظلامي، والمفسد، والظالم، كما ورد في الآية المباركة، {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ}[البقرة: 257] ، الطاغوت ليست المسألة عنده فقط، أن يسيطر على الناس، وأن يتحكم بهم ليكون في موقع إدارة شؤونهم، لتلبية رغبة في السيطرة عليهم، إنما هو يسعى؛ لأن ينحرف بهم، وأن يخرجهم من النور إلى الظلمات، له دورهُ، ونشاطهُ، وبرنامجهُ، التخريبي في واقع الناس، الذي يفسد، ويظلم، ويخرجهم من النور، ويتجه بهم إلى الظلمات في كل شؤون حياتهم.
يقول ﷲ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، في القرآن الكريم: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}[النحل: من الآية 36]، ولذلك هناك تباين بين ولاية الطاغوت، ومن ينضوي تحتها، وولاية ﷲ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، لعباده المؤمنين، ومن ينضوي تحتها، هناك مساران مسار النور، والمسار الظلامي، المفسد، الظالم، المخرب، الذي يعارض تعاليم ﷲ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ومنهجه الحق، والذي يسعى لتضييع العدالة من واقع الناس، والذي يظلم، ويفسد، وينشر الشر والإجرام، ويروج للفساد في أنحاء العالم، والطاغوت: هو يتحرك بأدواته من الكافرين، والمنافقين، مع تنسيقٍ وتكاملٍ للأدوار فيما بينهم، فالمنافقون يتحركون من داخل الساحة الإسلامية، لكن ضمن اتجاه معاكس لولاية ﷲ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” لعباده المؤمنين، في مفهومها الذي بينه ﷲ في القرآن الكريم، وبينه رسوله “صَلَوَاتُ ﷲ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ”، يقول ﷲ عن المنافقين: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ }[النساء :من الآية 145]، وهو يبين بهذه الآية المباركة سوء ما يفعلون، وخطورة الدور الذي يلعبونه ليخربوا واقع الأمة من الداخل.
ويقول “جَلَّ شَأنُهُ” ليبين مدى ذلك الارتباط بينهم وبين الكافرين، في سعيهم لإبعاد الناس عن ولاية ﷲ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في شؤون حياتهم، في أمور الهداية، والتشريع، والتوجيه، وما يتصل بذلك: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا(138)الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}[النساء : 138-139]، فصلتهم بالكافرين، وهم يتخذونهم أولياء وينحرفون عن ولاية ﷲ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ويسعون إلى ربط الأمة بالكافرين، فيما يصرفهم عن منهج ﷲ، وعن تعليمات ﷲ، وعن هداية ﷲ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، يقول عنهم وهو يبين ارتباطهم بالطاغوت: {يُرِيدُونَ أن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أن يَكْفُرُوا بِهِ}[النساء: من الآية 60]، فهم يسعون إلى حاكمية الطاغوت، على الأمة، وأن ترتبط به الأمة في ذلك.
ولذلك من أكثر ما يكشف واقع المنافقين في مباينتهم لولاية ﷲ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وما هو امتداد لها، وما يصل الأمة بها، ويربط الأمة بها، وموقفهم العدائي، والمبغض جدًّا لأمير المؤمنين عليٍ “عَلَيهِ السَّلَامُ”، وعلى مدى التاريخ، منذ عصر رسول ﷲ “صَلَوَاتُ ﷲ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ”، ويبقى ذلك مستمرًا في الأمة إلى قيام الساعة، ولذلك ورد في الحديث النبوي المعروف بين الأمة جمعاء، أن النبي “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ” قال لأمير المؤمنين “عَلَيهِ السَّلَامُ”: ((لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق))، المنافقون لهم موقف عدائي، لهم موقف مبغض من أمير المؤمنين “عَلَيهِ السَّلَامُ”، لأنه يكشف زيفهم بأصالته، وتحريفهم بما يقدمه من الحق، والهدى، والتعاليم الحقيقية للإسلام، التي إن سرنا عليها كنا مقتدين بحق لرسول ﷲ “صَلَوَاتُ ﷲ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ”، ووصلنا بهدايته، وقيادته، والتأسي به بشكل صحيح، وأصيل، وسليم.
فيما يتعلق بهذا العصر، نجد الطاغوت يتحرك بإمكاناته الضخمة، ويسعى إلى تنفيذ أكبر عملية مسخ وانحطاط بالمجتمع البشري، لضمان الاستعباد لهم، ويمارس الظلم، ويسعى لمحاربة النور، والعدالة، ويسعى لفرض ولايته الظلامية عليهم، ولكسب ولائهم؛ ولهذا نجد أن هذا الموضوع: هو يحتل الموقع الأول في الصراع بين الحق والباطل، وبين المستضعفين والمستكبرين، وبين المؤمنين الصادقين ما بينهم وبين أعداء ﷲ، ممن انضووا تحت ولاية الطاغوت، أن المرتبطين بالطاغوت من الكافرين والمنافقين، يسعون بشكلٍ أساسي إلى أن يسيطروا على الأمة، وأن يتحكموا بالناس، وأن يكسبوا ولائهم، وأن يكونوا هم في موقع التوجيه، وفي موقع الأمر، وفي موقع النهي، وأن يستعبدوهم، وأن يستغلوهم، فيما ولاية ﷲ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وما هو امتداد لها، يصل الناس بهدي ﷲ، بتعليمات ﷲ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ويحررهم، ويخرجهم من الظلمات إلى النور.
ولهذا يسعى اللوبي الصهيوني اليهودي، وأمريكا، والغرب الكافر، في محاربة القرآن الكريم، وفي نشر الرذيلة والفساد، وفي الظلم للشعوب، وفي نشر الفتن، وفي هندسة الأزمات، وتلك هي النتيجة لولايتهم، برنامجهم في واقع الناس: هو ذلك البرنامج، نشر للفساد، محاربة للفضيلة، إبعاد للناس عن الإتباع للأنبياء، والاقتداء بالأنبياء، والتمسك بتعليمات ﷲ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” و أوامره، فصلٌ للناس عن القيم الإلهية، المبادئ الإلهية، تضييعٌ وتغييبٌ للعدالة، ويسعون إلى أن يملأوا الدنيا ظلمًا، وجورًا، وفسادًا، وطغيانًا، وأن ينهبوا ثروات الشعوب، وأن ينشروا الفتن في كل مكان، وأن يهندسوا الأزمات في كل أرجاء العالم، فنجد في ظل ما يفعله الطاغوت، ومن ينضوي تحت ولايته، وما يسعون إلى أن يصلوا بالبشرية إليه، إلى درجة رهيبة جدًّا.
وصل الحال بهم أن تبنت أمريكا، بشكلٍ رسميٍ وسياسي، نشر الفاحشة المثلية، والجرائم، والفساد في العالم، بشكلٍ غير مسبوق منذ أن أهلك ﷲ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” قوم لوط، لم يأتي ترويجٌ وتبنٍ للجرائم والفواحش مثلما يحصل في هذا العصر، يصبح التبني لها حتى سياسيًا، ويسعون لحمايتها قانونيًا، ويسعون للترويج لها، وفرضها في كل أرجاء العالم، حالة رهيبة جدًّا، يريدون أن يصلوا بالبشرية إلى أسوأ مستوى من الانحطاط، أن ينحطوا بالإنسان عن مستوى إنسانيته، حتى يتحول كحال بقية الحيوانات، يخسر قيمته الإنسانية، وكرامته الإنسانية؛ لماذا؟ لإنهم يدركون أنهم من خلال ذلك يتمكنون من السيطرة التامة عليه، والاستغلال التام له، بعد أن يفرغوه تمامًا من إنسانيته، بعد أن يفصلوه عن تعليمات ﷲ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، عن الاهتداء بهدى ﷲ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، بعد أن يُخرجوه من دائرة النور إلى الظلام، ليكون صيدًا سهلًا، وفريسةً سهلةً لهم، لاستغلاله واستعباده.
فنجد أهمية الولاية الإلهية؛ التي تحمينا من ولاية الطاغوت، والتي تشكل ضمانةً لنا، وإنقاذ لنا، حتى لا يستعبدنا الطاغوت وأدواته.
مبدأ الولاية الإلهية: هو يرتقي بالأمة، في زكائها، ووعيها، ومعنوياتها، إلى مستوى التصدي للطاغوت وأدواته من الكافرين والمنافقين، وهو الذي يحصن الأمة من ولايتهم والتولي لهم، ما الذي ترك معظم الساحة مفتوحة أمام الكافرين وأمام المنافقين، مسرحًا لهم، مسرحًا لتدخلاتهم، بقابلية، وكأن لهم شرعية أن يتدخلوا في كل شؤوننا كأمة إسلامية، من موقع كفرهم من موقع باطلهم، من واقع سياساتهم وتوجهاتهم الفاسدة، والسيئة، والظالمة.
الذي ترك الساحة الإسلامية في كثير منها مفتوحةً لهم بتلك القابلية: هو غياب هذا المبدأ، الذي يحصن الأمة، ويجعلها تعي أنها في موقع محصن، لا تتقبل من الكافرين، ولا من المنافقين، لا ولايتهم، وسيطرتهم، وتدخلهم في شؤونها، وتحكمهم بها، ولا أن تواليهم، وأن تحبهم، وأن تؤيدهم في توجهاتهم، ومواقفهم، وهذه مسألة مهمة جدًّا، ﷲ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قال في القرآن الكريم: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}[المائدة : 56]، لن نكون من حزب ﷲ في مقابل من، في مقابل حزب الشيطان؛ إلا بالتمسك بولاية ﷲ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، بهذه الصلة التي نرتبط فيها بهداية ﷲ، بتعليمات ﷲ، بتوجيهات ﷲ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ونُباين فيها الطاغوت، وأدوات الطاغوت، من الكافرين والمنافقين، فلا نمكنهم من الولاية علينا، والتحكم في شؤوننا، ولا نطيعهم، ولا نتولاهم، ولا نؤيدهم، ولا نقف في صفهم، هذه المباينة التي لا بد منها في الإيمان، {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [البقرة: من الآية 256].
والتولي للّٰه “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” يأتي كتوجه عملي، إيمان بولاية ﷲ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” يُبنى عليه توجه عملي، والتزام عمليٌ واعٍ، منطلق على أساس من الوعي، من البصيرة، هنا تكسب النور، هنا تتحرك الأمة، وﷲ يخرجها من الظلمات إلى النور، في كل واقع حياتها، وتحظى بمعونته، بتأييده، برعايته، {فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}، هذا ما يرتقي بالأمة، ويحصنها، ويجعلها حتى في مقام أن تحظى بتأييد من ﷲ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وبنصر من ﷲ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
ولذلك فمبدأ الولاية: هو مبدأ تحتاج إليه الأمة في كل عصر، وليس لجيلٍ معين، أو كان خاصًا بأولئك الذين خاطبهم الرسول “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ” في يوم الغدير، في يوم الولاية، بل نجد أنفسنا في كل زمن بحاجة إلى الإيمان بهذا المبدأ العظيم، وإلى هذه الصلة بأمير المؤمنين “عَلَيهِ السَّلَامُ”، باعتباره الذي يصلنا حقًا بولاية الرسول “صَلَوَاتُ ﷲ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ”، وتصلنا ولاية الرسول بولاية ﷲ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، فنتحرك على أساس نهجه، على أساس تعليماته، بشكلٍ صحيح وأصيل، بعيدًا عن التزييف الذي كان من جهة المنافقين، ومن في إطارهم، على مدى التاريخ، ممن سعى إلى تحريف مفاهيم الدين، حتى لا يبقى له دورٌ في تحصين الأمة، وفي نجاتها، وفي إنقاذها من ولاية الطاغوت، وأدوات الطاغوت، من الكافرين والمنافقين، فهذا إسهامٌ في هذا اليوم المبارك، في التذكير بأهمية الولاية، وبما لها من ثمرة في واقع الحياة، وبحاجتنا إلى هذا المبدأ العظيم، وما يمثله فعلًا من أهمية لضمان استقامة أمر الدين لهذه الأمة، ولضمان أن تسير على منهج ﷲ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، بشكلٍ صحيح، وأن تجني ثمرة هذا الإيمان، نصرًا، وعزًا، وتأييدًا إلهيا، وغلبة لأعدائها، وهم يسعون إلى السيطرة عليها، إلى فرض ولايتهم وكسب ولاء هذه الأمة، في الوقت الذي يسعون فيه إلى إذلال أبناء هذه الأمة، والاستعباد لهم والقهر لهم، يريدون أن يكسبوا مع ذلك ولائهم.
ولهذا أتى موضوع الولاية في القرآن الكريم بعد أن نهى ﷲ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء، وأتى التنبيه في الآية المباركة على أهمية هذا المبدأ كمبدأ يضمن استمرارية الدين بفاعليته، وحيويته، وأثره في نفوس الناس، وفي واقع حياتهم، في الآية المباركة {وَإِنْ لَـمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}[المائدة: من الآية 67]، في ختام هذه الكلمة نقرأ بعضًا من المقتطفات من حكم أمير المؤمنين علي “عَلَيهِ السَّلَامُ”، المفيدة والمهمة، عن ابن عباس قال دخلت على أمير المؤمنين “عَلَيهِ السَّلَامُ” بذي قار منطقة وهو يخصف نعله وهو يصلح نعله فقال لي: ((ما قيمة هذا النعل، فقلت: لا قيمة لها، فقال “عَلَيهِ السَّلَامُ”: وﷲ، لهي أحب إلي من أمرتكم، إلا أن أقيم حقًا أو أدفع باطلًا))، هذا المفهوم العظيم الذي يبين لنا كيف كان أمير المؤمنين “عَلَيهِ السَّلَامُ” وهو الامتداد لولاية رسول ﷲ “صَلَوَاتُ ﷲ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ” ينظر إلى أنه لا قيمة للسلطة، لا قيمة للإمرة، إذا لم تكن وسيلةً لإقامة حقٍ ولدفع باطل، وهذا مفهوم عظيم، من أهم المفاهيم التي يجب أن نستوعبها، وأن نعيها، وأن نتحرك على أساسها.
ما أكثر المغرمين بالسلطة، المهووسين بالمناصب، الذين هي أهم عندهم من كل شيء، هي عندهم غاية يعشقونها، يسعون للحصول عليها، وهذا حاصل في إطار ولاية الطاغوت، ومن لم يتربى على أساس مبادئ الولاية الإلهية التي تجعله ينظر هذه النظرة حتى إلى المناصب، حتى إلى الإمرة، فيرى فيها أنها لا تساوي واحدًا من حذاء فردًا من نعليه، لا قيمة لها حتى بذلك المستوى، إذا لم تكن وسيلةً لإقامة حقٍ، أو دفع باطل.
يقول “عَلَيهِ السَّلَامُ”: ((أيها الناس إن الوفاء توأم الصدق))، الوفاء إلى جانب الصدق توأمان مقترنان ((إن الوفاء توأم الصدق))، الوفاء في الالتزامات، الوفاء مواقف، الوفاء في التعهدات، الوفاء في الوعود، ((إن الوفاء توأم الصدق))، الوفاء في التزامك، وفي توجهك، ((أيها الناس إن الوفاء توأم الصدق، ولا أعلم جُنةً أوقى منه، وما يغدر من علم كيف المرجع))، لأن الغدر هو نقيض الوفاء، البديل عن الوفاء: هو الغدر، فالذي يغدر هو من لا يؤمن حق الإيمان باليوم الآخر، من لا يتذكر الحساب، والسؤال، والجزاء، عند ﷲ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، فيكون جريئًا على الغدر، على النكث للالتزامات، للتعهدات، ويغدر ((ولقد أصبحنا في زمانِ قد أتخذا أكثر أهله الغدر كيسًا))، اعتبروه من الذكاء والفطنة، اعتبروه طريقة أو أسلوب سياسي، ((وَنَسَبَهُمْ أَهْلُ الْجَهْلِ فِيهِ إِلى حُسْنِ الْحِيلَةِ))، يعتبرون من يمارس أسلوب الغدر، ويتعامل بتلك الطريقة، إلى أنه صاحب حيلة، وأنه ذكي، وأنه سياسي، إلى آخره.
((مَا لَهُمْ! قَاتَلَهُمُ اللهُ! قَدْ يَرَى الْحُوَّلُ الْقُلَّبُ وَجْهَ الْحِيلَةِ وَدُونَهَا مَانِعٌ مِنْ أَمْرِ اللهِ وَنَهْيِهِ، فَيَدَعُهَا رَأْيَ عَيْنٍ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا))، قد يرى الحُوَّل القُلَّب: يعني البصير بتحويل الأمور وتقليبها، قد يرى وجه الحِيلة، قد يعرف حيلًا معينة؛ لكنها خارجة عن الضوابط، عن الأخلاق، عن القيم، دونها مانعٌ من أمر ﷲ، أو نهيه، فيدعها، ((رَأْيَ عَيْنٍ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا))، وهو قادرٌ عليها، لكنه يتركها؛ لأنه لا يجعل الوسيلة، أو الغاية مبررًا للوسيلة فيتصرف كيف ما يشاء ويريد، حتى لو خرج عن الضوابط الأخلاقية، عن الالتزامات الدينية، هو يتحرج مما فيه أمر مخالفة شيءٍ من أوامر ﷲ، أو نواهيه، ((وينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدين))، يعني من لا يتحرج من ارتكاب الآثام والأوزار.
يقول “عَلَيهِ السَّلَامُ”: ((إِنَّمَا بَدْءُ وُقُوعِ الْفِتَنِ أَهْوَاءٌ تُتَّبَعُ، وَأَحْكَامٌ تُبْتَدَعُ، يُخَالَفُ فِيهَا كِتابُ اللهِ، وَيَتَوَلَّى عَلَيْهَا رِجَالٌ رِجَالاً، عَلَى غَيْرِ دِينِ اللهِ، فَلَوْ أَنَّ الْبَاطِلَ خَلَصَ مِنْ مِزَاجِ الْحَقِّ لَمْ يَخْفَ عَلَى الْمُرْتَادِينَ، وَلَوْ أَنَّ الْحقَّ خَلَصَ مِنْ لَبْسِ الْبَاطِلِ انْقَطَعَتْ عَنْهُ أَلْسُنُ الْمُعَانِدِينَ؛ وَلكِن يُؤْخَذُ مِنْ هذَا ضِغْثٌ، وَمِنْ هذَا ضِغْثٌ، فَيُمْزَجَانِ! فَهُنَالِكَ يَسْتَوْلي الشَّيْطَانُ عَلَى أَوْلِيَائِهِ، وَيَنْجُوا الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللهِ الْحُسْنَى))، فنجد ضرورة الوعي، والبصيرة، والنور، والفهم تجاه الفتن، تجاه أسبابها، تجاه أهلها، بما يساعد الإنسان على أن يتخذ الموقف الصحيح، وأن لا ينخدع، عندما يمزج حقٌ، أو يُلبس حقٌ بباطل، للتغرير على الناس، للتضليل عليهم، يقول “عَلَيهِ السَّلَامُ”: ((مَنْ أَطَالَ الْأَمَلَ أَسَاءَ الْعَمَلَ))، من غفل عن الآخرة، وغفل عن نهاية هذه الحياة، نسي أنه على موعدٍ مع الموت والرحيل من هذه الدنيا، وأن مستقبله في الآخرة فيه الجزاء والحساب، وطالت آماله في الحياة في هذه الدنيا، وكثرت آماله ومطامعه، ساء عمله، تجرأ على أن يسيء العمل، لكن من يستشعر قرب لقاء ﷲ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ويتذكر رجوعه إلى ﷲ، فهو يسعى لإصلاح عمله، لكي يكون جاهزًا عندما ينتقل من هذه الحياة، يكون صالحًا، يكون تائبًا، يكون منيبًا إلى ﷲ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
يقول “عَلَيهِ السَّلَامُ”: ((لِسَانُ الْعَاقِلِ وَرَاءَ قَلْبِهِ))، فهو يزن أولًا ما سيقوله، بمعيار العقل، بمعيار الحق، يتأكد من صحة ما سيقول، ومن صلاح ما يقول، ((وَقَلْبُ الْأَحْمَقِ وَرَاءَ لِسَانِهِ))، فهو يتكلم بشكلٍ لا يعود فيه إلى تمييز ما سيقول، وهل هو مناسب، هل هو صحيح، ليس عنده معيار صحيح يعتمد عليه فيما يقول.
ويقول “عَلَيهِ السَّلَامُ”: ((تَنْزِلُ الْمَعُونَةُ عَلَى قَدْرِ الْمَئُونَةِ))، كلما كانت مؤنتك أكبر، وأعباؤك أكبر، ودورك أكبر، تأتي معونة من ﷲ أكبر.
يقول “عَلَيهِ السَّلَامُ”: ((ثَمَرَةُ التَفْرِيطِ النَدَامَةُ، وَثَمَرَةُ الحَزْمِ السَلامَةُ))، فهو يُحذِر من التفريط، دائمًا تكون عواقبه، وثمرته، ونتيجته هي الندامة، التفريط خطير جدًّا، يقول “عَلَيهِ السَّلَامُ”: ((مَنْ كَسَاهُ الْحَيَاءُ ثَوْبَهُ لَمْ يَرَ النَّاسُ عَيْبَهُ))، الحياء من أهم ما في الأخلاق، هو خلقٌ عظيم؛ الحياء، ولهذا هو يستر عيوبك، وتتفادى به المزالق، التي تشينُك، والتي هي عيبٌ عليك، ويقول “عَلَيهِ السَّلَامُ”: ((الطامِعُ في وَثاقِ الذُّلِّ))، الطامع داء خطير جدًّا على الإنسان، والطامع مكبلٌ بالذل، فالطمع يذل الإنسان، يجعله يخنع للمجرمين، للسيئين، يجعله يتجه إلى حيث لا ينبغي، لكي يحصل على شيءٍ من الأطماع.
يقول “عَلَيهِ السَّلَامُ”: ((لاَ يَصْدُقُ إِيمَانُ عَبْدٍ، حَتّى يَكُونَ بِمَا فِي يَدِ ﷲ أَوْثَقَ مِنهُ بِمَا فِي يَدِهِ))، الثقة باللًّه “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: هي من أهم العناوين التي تبين مصداقية الإنسان في انتمائه الإيماني، ومن ذلك الثقة بما وعد ﷲ به، أن تكون بما وعدك ﷲ به أوثق مما هو حتى في يدك.
يقول “عَلَيهِ السَّلَامُ “: ((اتَّقُوا مَعَاصِيَ اللَّهِ فِي الْخَلَوَاتِ، فَإِنَّ الشَّاهِدَ هُوَ الْحَاكِمُ))، لأن البعض من الناس يكون جريئًا على المعصية، عندما يكون في موضع الخلوة، حيث يطمئن إلى أنه لن يعرف الآخرون بما فعل، وما حصل منه، لكنه ينسى رقابة الله، ينسى أن ﷲ شاهدٌ عليه في كل أحواله، ورقيبٌ عليه في كل ظروفه، وأينما كان، ((فَإِنَّ الشَّاهِدَ هُوَ الْحَاكِمُ)).
يقول “عَلَيهِ السَّلَامُ”: ((قَلُّ مَا يَلْزَمُكُمْ لله أَلاَّ تَسْتَعيِنُوا بِنِعَمِهِ عَلَى مَعَاصِيهِ))، هذا أقل شيء، ما بينكم وبين ﷲ، لا تستعينوا بما أنعم ﷲ به عليكم، من الآلات، من الجوارح، من الأعضاء، من الحواس، من الإمكانات، وهي منه نعمه أنعم بها عليكم، لا تستعملوها في معصيته، أقل شيء فيما بينكم وبين ﷲ.
يقول “عَلَيهِ السَّلَامُ”: ((مَا ظَفِرَ مَنْ ظَفِرَ الْإِثْمُ بِهِ، وَالْغَالِبُ بِالشَّرِّ مَغْلُوبٌ))، الإنسان إذا كان أعتبر نفسه أنه ظفِر، وحقق هدفًا من أهدافه، أو وصل إلى بُغية له، بطريقة الإثم، فهو خاسر، لأنه حمل نفسه الإثم، وعواقب الإثم، وكذلك الغالب بالشر هو مغلوب والعاقبة عليه.
يقول “عَلَيهِ السَّلَامُ “: ((اَلْعَفَاف زِينَةَ اَلْفَقْرِ))، وفعلًا عندما يكون الإنسان وهو فقير: متصف بالعفة، والنزاهة، زينةٌ له، ((وَالشُّكْرِ زِينَةَ اَلْغَنِى)).
يقول “عَلَيهِ السَّلَامُ”: ((الْفِكْرُ مرْآةٌ صَافِيَةٌ، والاعتبار مُنْذِرٌ نَاصِحٌ، وَكَفى أَدَباً لِنَفْسِكَ تَجَنُّبُكَ مَا كَرِهْتَهُ لِغَيْرِكَ)).
ويقول “عَلَيهِ السَّلَامُ”: ((مَنْ حَاسَبَ نَفْسَه رَبِحَ ومَنْ غَفَلَ عَنْهَا خَسِرَ ومَنْ خَافَ أَمِنَ ومَنِ اعْتَبَرَ أَبْصَرَ ومَنْ أَبْصَرَ فَهِمَ ومَنْ فَهِمَ عَلِمَ)).
نكتفي بهذا المقدار.
وَنَسْأَلُ اللَّهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أن يُوَفِّقَنَا وَإيَّاكُمْ لمِا يُرضِيهِ عَنَّا، وأَنْ يَرْحَمَ شُهَدَاءَنَا الأَبرَارَ، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ يَنصُرنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء
وَالسَّــــلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَــــةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتـــُه؛؛؛