{رَسُولاً مِّنْهُمْ}، هي نعمة وحجة ومسؤولية كبيرة عليهم، على العرب والمسلمين
بصائر من نور القيادة.
السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي.
المحاضرة الثانية ضمن سلسلة محاضرات عن المولد النبوي 1440هـ (2).
{رَسُولاً مِّنْهُمْ}، وكونه منهم هي نعمة عليهم، وحجة عليهم، ومسؤولية عليهم، هذا الرسول هل يتحرك مع ما أعطاه الله من كمال: ذكاء على مستوى عالي، ملكات ذهنية وفكرية على مستوى عظيم، حرص على الناس، حرص على إرادة الخير لهم، رحمة بهم، حكمة عالية، نظرة ثاقبة للأمور، وعي عالٍ… ملكات مهمة جدًّا، ويتحلى بأمانة كبيرة: مؤتمن على التبليغ، ومؤتمن على المسؤولية، ومؤتمن تجاه الناس فيما يريده لهم ومنهم، مؤتمن أمانة كاملة وشاملة وتامة.
مع ذلك هل يتحرك من تلقاء نفسه بأطروحات شخصية، بأفكار شخصية، باتجاهات شخصية ابتكرها هو، اخترعها هو، من تفكيره، من نتاجه الشخصي، أو لحسابات شخصية يتحرك ليحقق لنفسه مصالح ومكاسب معينة مادية من الناس، أو معنوية، أو فئوية (لفئته)، أو قومية (لقومه، قبيلته، أو أوسع من إطار قبيلته)، مثلًا: هل كان يهم رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- أن يتحرك لمصالح عربية على حساب بقية الشعوب والأمم، أو بأي اعتبارٍ كان؟ |لا|، الرسل يتحركون بتجردٍ تام عن كل هذه الأمور، لا يتحرك على أساس رؤية شخصية من ابتكاره ونتاجه الشخصي البشري، الذي سيبقى قاصرًا مهما كان إذا كان منفصلًا عن الله -سبحانه وتعالى- لأن الواقع البشري محدود مهما كان، الإنسان كإنسان هناك حدود: حد لقدرته، حد لعلمه، وتتفاوت حتى في الواقع البشري، يمتلك هذا من العلم أكثر مما يمتلك الآخر، هناك ذكي، هناك من هو أذكى، هناك عالم، هناك من هو أعلم… وهكذا {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف: من الآية76]، حتى تصل المسألة إلى الله، والله هو الذي له الكمال المطلق، أما الواقع البشري فكل شيءٍ فيه محدود: القدرات الذهنية، الملكات الفكرية، كل القدرات لدى الإنسان، كل الملكات، كل ما يمكن أن يحصل عليه مكتسبًا أو من الأساس شيء محدود محدود محدود، محدود كبشر.