بالقرآن الكريم وبالرسول أتم الله النعمة وأكمل الحجة على عباده
بصائر من نور القيادة.
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي.
خطاب المولد النبوي الشريف للعام الهجري 1440هـ.
رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله- بما منحه الله تعالى من الكمال الإنساني والأخلاقي، وبما حمله من المبادئ والقيم، وبما علمه من الهدى، وبما حظي به من اتصالٍ مباشرٍ عبر الوحي بتعليمات الله قد حاز مرتبة القيادة والقدوة للناس كافة، وللأمم والأجيال منذ عصره إلى القيامة قاطبة، ومنحه الله تعالى وأرفق معه أعظم وأوسع وأهدى مصدرٍ للهداية والمعرفة، ذلكم هو القرآن الكريم، المعجزة الخالدة الذي قال الله -جلَّ شأنه- فيه معبرًا عن سعة معارفه وواسع هدية: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} [لقمان: من الآية27]، وقال معبرًا عن عظمته وإعجازه: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} [الإسراء: الآية88]، وحفظه الله تعالى للأجيال المتعاقبة، فلم يتمكن الضالون المضلون من تحريف نصه ولا من إضاعته، قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: الآية9].
وبذلك أتم الله النعمة، وأكمل الحجة على عباده، فإلى جانب التسخير المادي، والنعم العظيمة، والتمكين الكبير الذي بلغ فيه المجتمع البشري تقدمًا متصاعدًا ومتسارعًا، وإلى جانب واقع الحياة الذي اتسع كثيرًا، وإلى جانب التحديات والمخاطر الأكبر؛ كان هدى الله- متمثلًا في كتابه ورسوله- أوسع وأعظم، وكفيلًا بتحقيق الرشد اللازم، والهداية الكافية للسير بالإنسان بشكلٍ صحيح، ولإدارة المجتمع الإنساني بشكلٍ سليم، ولبناء الحياة بشكلٍ أفضل،