الشهداء أحياء في ضيافة الله بكامل مشاعرهم ربحوا الحياة الخالدة ولم يخسروا أبداً
بصائر من نور القيادة.
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي.
كلمة تدشين الذكرى السنوية للشهيد 1443هـ.
عطاء الشهداء هو أسمى عطاء وهم يضحون بحياتهم وبأرواحهم، ويجودون بحياتهم في سبيل الله “سبحانه وتعالى”، نصرةً لأمتهم، نصرةً لشعوبهم، نصرةً للمستضعفين من عباد الله، والمظلومين من عباد الله، فإن الله “سبحانه وتعالى”، وهو الكريم العظيم الرحيم، قابل عطاءهم بكرمه الواسع، فهم لما وهبوا حياتهم، الله “سبحانه وتعالى” قدم لهم وعجل لهم بحياة واستضافة كريمة، واستضافة مميزة يستضيفهم الله فيها “سبحانه وتعالى” إلى يوم القيامة، ولهذا يؤكد لنا هذه الحقيقة في القرآن الكريم في آياتٍ متعددة (في سورة البقرة، وفي سورة آل عمران).
في (سورة البقرة) يقول الله “سبحانه وتعالى”: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ}[البقرة: الآية154]، لَا تَقُولُوا: لا تكن هذه نظرة لكم تعبرون عنها، فأنتم ترون فيهم أناساً فقدوا حياتهم، خسروا حياتهم، وانتهت حياتهم، وبقوا في حالة الموت إلى يوم القيامة، عندما تنظرون هذه النظرة فتعبرون عنها بقولكم أنهم أموات، وفلان- يعني: الشهيد فلان مثلاً- ميت، ومات فلان وهو شهيد، وفلانٌ أصبح من الأموات، لا تقولوا ذلك أبداً؛ لأن هذا ينافي الحقيقة، لا صحة لذلك، ولأن هذه المقولة تقدم فكرة عن الموضوع وكأنه خسارة، والمسألة مختلفة عن ذلك كلياً.
(بَلْ أَحْيَاءٌ): هم أحياء بكامل مشاعرهم، وهم حضوا باستضافةٍ كريمةٍ لدى الله “سبحانه وتعالى”، هذه الاستضافة تستمر في وضعٍ خاص، وكامتياز خاص للشهداء، امتياز خاص للشهداء، تستمر هذه الاستضافة إلى يوم القيامة، وما بعد يوم القيامة هو جنة المأوى والفوز العظيم الدائم الأبدي، ولكن إلى أن تأتي القيامة ليسوا كغيرهم ممن ماتوا بشكلٍ طبيعي وبوفاة طبيعية، أولئك حالتهم مختلفة، وكامتياز خاص قدمه الله “سبحانه وتعالى” لهم أنه استضافهم استضافةً كريمة.
(وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ)؛ لأنهم غائبون عن إدراكنا، عن مشاهدنا، عن مشاهدتنا، عن إدراكنا، أمرٌ هو خارجٌ عن كل ذلك، ولكن الذي أخبرنا عنه هو الله “سبحانه وتعالى”، هو المستضيف الكريم “جلَّ شأنه”.